{رَبَّنا:} منادى، حذف منه أداة النداء، ونا في محل جرّ بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {ما:} نافية. {خَلَقْتَ:} فعل، وفاعل. {هذا:} الهاء: حرف تنبيه، لا محلّ له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {باطِلاً:}
حال من اسم الإشارة، وهي حال لازمة لا يستغنى عنها؛ إذ لو حذفت؛ للزم نفي الخلق، وهو لا يصحّ. انظر الحال، وأنواعها في الآية رقم [٨٨]. أو هو مفعول لأجله، أي: للباطل. أو هو منصوب بنزع الخافض. انتهى جمل نقلا عن كرخي. وقيل: هو صفة مصدر محذوف، التقدير:
ما خلقت هذا خلقا باطلا. وقيل: هو على المفعول الثاني، ويكون (خلق) بمعنى: «جعل» والكلام في محلّ نصب لقول محذوف، يقع حالا، التقدير: قائلين: ربنا ما خلقت... إلخ، والحال من واو الجماعة.
{سُبْحانَكَ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، كما رأيت في الشرح، والكاف في محل جرّ بالإضافة، من إضافة المصدر أو اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافته لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الحاصلة منه، ومن فعله مستأنفة لا محلّ لها.
{فَقِنا:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنّها تفصح عن شرط مقدّر. (قنا): فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: أنت. و:
(نا) مفعول به أول، وانظر شرح هذا الفعل في الآية رقم [١٦]. {عَذابَ:} مفعول به ثان، وهو مضاف، و {النّارِ:} مضاف إليه، وجملة: {فَقِنا..}. إلخ لا محلّ لها؛ لأنّها جواب لشرط غير جازم، التقدير: فإذا نزهناك، وعظمناك؛ فقنا... إلخ.
{رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢)}
الشرح: {رَبَّنا:} انظر الآية رقم [٨]. {إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} أي: أذللته، وأهنته. وقال المفضل: أهلكته، وأنشد قول الشّاعر: [الكامل]
أخزى الإله مع الصّليب عبيده... اللابسين قلانس الرّهبان
والإخزاء هو: الإذلال، قال ذو الإصبع العدواني، وهو الشاهد رقم [٢٦٠] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]
لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني
ومنه قول حسّان بن ثابت-رضي الله عنه-، يخاطب به من شجّ وجه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في غزوة أحد: [الطويل]
فأخزاك ربّي يا عتيب بن مالك... ولقّاك قبل الموت إحدى الصّواعق