للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفعول به ثان، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير:

يؤتيه الذي، أو: شخصا يشاؤه، والجملة الفعلية هذه في محلّ نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الضمير فقط، والعامل في الحال اسم الإشارة. وقيل: في محل رفع خبر ثان للمبتدإ.

وقيل: مستأنفة لا محل لها، والمعتمد الأول، وهو على حدّ قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً}. {وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ:} جملة اسمية مستأنفة أو معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها على الاعتبارين، هذا؛ وساغ مجيء الحال من لفظ الجلالة، وهو مضاف إليه؛ لأنّ المضاف جزؤه، وقال ابن مالك في ألفيته: [الرجز]

ولا تجز حالا من المضاف له... إلاّ إذا اقتضى المضاف عمله

أو كان جزء ما له أضيفا... أو مثل جزئه فلا تحيفا

{إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥)}

الشرح: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ..}. إلخ: أي: ناصركم، ومعينكم، ويتولّى أموركم الله، ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم. {وَالَّذِينَ آمَنُوا:} المراد بهم صحابة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، الذين وصفوا بإقامة الصّلاة، وإيتاء الزكاة، وانظر شرح {يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} في الآية رقم [١٠٣] من سورة (النّساء)، وشرح (الزّكاة) في الآية رقم [١٢] من هذه السّورة. {راكِعُونَ:} خاشعون، متواضعون في صلاتهم، وأفرد الرّكوع بالذّكر مع كونه داخلا في الصّلاة تنويها بشأنه.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة في حقّ عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-حين سأله سائل، وهو راكع في صلاته، فطرح له خاتمه، كأنّه كان واسعا، غير محتاج في إخراجه من يده إلى عمل كثير يؤدّي إلى فساد الصّلاة. واستدلّ الشّيعة باطلا بهذه الآية على إمامته، زاعمين: أنّ المراد بالولي المتولّي للأمور، والمستحقّ للتصرّف فيها، وقد قال تعالى: {وَلِيُّكُمُ} ولم يقل:

أولياؤكم للتنبيه على أنّ الولاية لله تعالى بالأصالة، ولرسوله، وللمؤمنين بالتّبع. ويرد على الشيعة: أن حمل الجمع على الواحد خلاف الظاهر؛ وإن قيل: إنّ الآية نزلت فيه، والمراد بالجمع المفهوم من الموصول.

هذا؛ وقد ذكر ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنّ الآية نزلت في عبادة بن الصّامت-رضي الله عنه-حين تبرّأ من اليهود، وموالاتهم، وقال: أتولّى الله، ورسوله، والمؤمنين، كما رأيت في الآية رقم [٥٢].

وقال جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-: نزلت الآية في عبد الله بن سلام-رضي الله عنه-، وذلك: أنّه جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد إسلامه، فقال: يا رسول الله! إنّ قومنا: قريظة،

<<  <  ج: ص:  >  >>