للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرآن شريف في نفسه لإعجازه، واشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره. وقيل: أي: ذي الموعظة، والذكرى، أو ذكر ما يحتاج إليه في الدين من الشرائع وغيرها، كأقاصيص الأنبياء، والوعد، والوعيد.

هذا؛ والقرآن مشتق من: قريت الماء في الحوض: إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم، والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طرق الرشاد. هذا؛ وهو في اللغة مصدر بمعنى: الجمع، يقال: قرأت الشيء قرآنا، أي:

جمعته، وبمعنى: القراءة، يقال: قرأت الكتاب قراءة، وقرآنا، ثم نقل إلى هذا المجموع، المقروء المنزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، المنقول عنه بالتواتر فيما بين الدفتين، وهو المراد. ويحرم على المحدث حدثا أكبر قراءته، وحمله، ومسه، وعلى المحدث حدثا أصغر حمله، ومسه، ولا يمنع من قراءته عن ظهر قلب، قال تعالى في تقديسه وتعظيمه: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.

الإعراب: {ص:} فيه أوجه: أحدها أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه {ص}. الثاني:

أنه مفعول به لفعل محذوف. التقدير: أتل {ص}. الثالث: أنه مقسم به، التقدير: أقسم ب‍: {ص}. {وَالْقُرْآنِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم ب‍: (القرآن).

{ذِي:} صفة: (القرآن) مجرور مثله، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و {ذِي} مضاف، و {الذِّكْرِ} مضاف إليه، وجواب القسم محذوف، تقديره: إنه لمعجز، بدليل الثناء عليه بقوله: {ذِي الذِّكْرِ،} أو {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} بدليل قوله تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ،} أو: تقديره: ما الأمر كما زعموا، بدليل قوله تعالى: {وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذّابٌ}. وقيل: مذكور، فقال الأخفش: {إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ} وقال الفراء، وثعلب: هو {ص} لأن معناها صدق الله، ويرده: أن الجواب لا يتقدم، فإن أريد: أنه دليل الجواب؛ فقريب. وقيل: هو قوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنا} وحذفت اللام للطول. انتهى. مغني اللبيب بحروفه. والمعتمد: الأول، والثاني من هذه الاعتبارات، والتقديرات.

{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢)}

الشرح: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ} أي: في تكبر، وامتناع من قبول الحق، كما قال عز وجل: {وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} والعزة عند العرب: الغلبة، والقهر. يقال: من عزّ بزّ، يعني: من غلب سلب، قالت الخنساء-رضي الله عنها-: [المتقارب]

كأن لم يكونوا حمى يتّقى... إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا

وهذا هو الشاهد رقم (١٣٤) من كتابنا: «فتح القريب المجيب» إعراب شواهد مغني اللبيب، والاسم: العزة، وهي: القوة، والغلبة، قال الشاعر: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>