للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط، وقيل: جملة الجواب، وقيل الجملتان. وهو المرجح عند المعاصرين. هذا؛ وإن اعتبرت {مَنْ} اسما موصولا فهو مبتدأ، وجملة {كَسَبَ} صلته، والجملة الاسمية: (أولئك) في محل رفع خبره، ودخلت الفاء على خبره؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية: {بَلى مَنْ:} مبتدأة أو مستأنفة لا محل لها من الإعراب. هذا؛ ويرجح اعتبار {مَنْ} اسما موصولا عطف الآية التالية على هذه الآية.

{هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {خالِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو... والجملة الاسمية في محل نصب حال من: {أَصْحابُ} أو من: {النّارِ} والرابط الضمير على الاعتبارين، والعامل في الحال اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل، وإن اعتبرت الجملة الاسمية مستأنفة؛ فلست مفندا، والوقف على {النّارِ} تامّ، وجيّد.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)}

الشرح: من رحمة الله بعباده، ومن كرمه، وجوده، وإحسانه: أنّه لم يذكر عباده المؤمنين في الكتاب؛ إلا ويذكر الكافرين، والفاسدين، ولم يذكر الحسنات، والأعمال الصّالحات؛ إلا ويذكر السيئات، والخطيئات، ولم يذكر الجنّة، ونعيمها؛ إلا ويذكر النار، وجحيمها، وذلك من باب المقابلة، والمقارنة، وفيه ما فيه من التذكير، والتنبيه، والاتعاظ، وما يتذكر إلا أولو الألباب. هذا؛ وجعل أصحاب الجنة بمعنى مالكيها بملازمتهم لها، وعدم انفكاكهم عنها، وقل مثله في أصحاب النار، انظر الآية رقم [٣٩] وانظر الإعراب فيها أيضا، فإنه مثله بلا فارق، فلا أعيده هنا رغبة في الاختصار، والاقتصار، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

{وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)}

الشرح: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ:} اختلف في الميثاق هنا، فقال مكي: هو الميثاق؛ الذي أخذ عليهم حين أخرجوا من صلب آدم كالذرّ، ويعني به ما ذكر في قوله الله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٧٢]: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ..}. إلخ. وقيل: هو ميثاق

<<  <  ج: ص:  >  >>