أخذه عليهم، وهم عقلاء في حياتهم على ألسنة أنبيائهم، وهو قوله:{أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ}. وعبادة الله: إثبات توحيده، وتصديق رسله، والعمل بما أنزل في كتبه. وانظر ما ذكرته في سورة الفاتحة:
{وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً:} يراد في هذا اللفظ: الأب، والأم، ففيه تغليب الأب على الأم، وأيضا في لفظ «الأبوين»، وفيه إشعار بتفضيل الأب على الأم، والذّكر على الأنثى. والإحسان إلى الأبوين يكون بالقول، والفعل، والإنفاق عليهما عند عجزهما، واحتياجهما. وانظر ما ذكرته في سورة (الإسراء) رقم [٢٣] في هذا الصدد، وانظر سورة (النساء) رقم [٣٦]. {وَذِي الْقُرْبى} أي:
القرابات من جهة الأب، ومن جهة الأم، وهم الأرحام. وانظر ما ذكرته في سورة (الرعد) رقم [٢٣] في حقّهم. {وَالْيَتامى:} جمع: يتيم، وهو من فقد أباه، أو أمه، أو فقدهما معا، وقد يغلب أن يكون المراد من فقد معيله، وهو الأب من بني آدم، والأم من الحيوانات، والطيور، وهناك يتيم العقل، والأدب، والتربية، والخلق، والدين، وهو أسوأ حالا من الأول، وإن كان قد بلغ من العمر الخمسين، والسّتين، ويملك من المال الملايين، ولله درّ القائل:[البسيط]
ليس اليتيم الّذي قد مات والده... إنّ اليتيم يتيم العقل والأدب
وخذ قول الآخر:[الكامل]
ليس اليتيم من انتهى أبواه من... همّ الحياة وخلّفاه ذليلا
إنّ اليتيم هو الّذي تلقى له... أمّا تخلّت أو أبا مشغولا
وقد ذكرت الإحسان إلى اليتيم والعطف عليه، وثواب رعايته، وجزاء كفالته في مناسبات كثيرة، وآيات عديدة. {وَالْمَساكِينِ:} انظر الآية رقم [١٧٦] الآتية.
{وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً} أي: قولوا لهم قولا ذا حسن، وقرئ:(«حسنا») بفتحتين، و («حسنا») بضمتين، فالأولى قراءة حمزة، والكسائي، والثانية قراءة عيسى بن عمرو، وهي غير سبعية، والمعنى: قولوا لهم الطّيّب من القول، وجازوهم بأحسن ما يحبّون أن يجازوا به، وهذا كلّه حضّ على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله لينا، ووجهه منبسطا طلقا مع البرّ، والفاجر، والسّنّيّ، والمبتدع من غير مداهنة؛ لأن الله تعالى قال لموسى، وهارون:{فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} الآية رقم [٤٤] من سورة (طه). والمأمور بذلك اليهود، والنصارى، والمسلم أولى بذلك. {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} انظر الآية رقم [٤٣]، {وَآتُوا:}
أصله:«آتيوا» فاستثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فصار:«آتوا» بعد حذف الياء، ثم قلبت الكسرة ضمة لمناسبة الواو فصار:(آتوا). {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ:} انظر الآية رقم [٦٤]، والخطاب لليهود معاصري محمد صلّى الله عليه وسلّم وأسند إليهم تولّي أسلافهم؛ إذ هم كلّهم بتلك السبيل في إعراضهم عن الحقّ مثلهم، كما قيل:«شنشنة أعرفها من أخزم». {إِلاّ قَلِيلاً مِنْكُمْ} أي: من آبائكم