للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث جعلت لهم جهنم غطاء، ووطاء، فأكرموا بذلك، كما تكرم الأمّ ولدها بالعطاء، والوطاء اللينين. وانظر الآية رقم [٤٦] الآتية والمخاطب ب‍ {قُلْ} سيّد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت. {لِلَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وجملة {كَفَرُوا} مع المتعلّق المحذوف صلة الموصول، لا محلّ لها.

{سَتُغْلَبُونَ:} السين: حرف استقبال، وتنفيس. (تغلبون): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَتُحْشَرُونَ} معطوفة عليها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {إِلى جَهَنَّمَ:}

متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصّرف للعلمية، والعجمة، وجملة: {قُلْ} إلخ، مستأنفة لا محل لها.

(بئس): فعل ماض جامد لإنشاء الذم. {الْمِهادُ:} فاعله. والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: هي. وهذا المخصوص إما خبر لمبتدإ محذوف، أو هو مبتدأ مؤخر، خبره الجملة الفعلية. هذا؛ والجملة: «بئس المهاد المذمومة هي» إمّا من تمام القول، فتكون في محل نصب مقول القول، وإما مستأنفة، أو معترضة في آخر الكلام لتهويل جهنّم، وتفظيع حال أهلها.

{قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ اِلْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣)}

الشرح: {قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ} هذا الخطاب للمؤمنين، وفائدته تثبيت نفوسهم، وتشجيعها؛ حتى يقدموا على حرب مثليهم، وأمثالهم. ويحتمل: أن الخطاب لجميع الكفار، من يهود المدينة، ومشركي العرب، هذا؛ ولم يؤنث الفعل: {كانَ} لأحد أمرين: الأول الفصل بالجار والمجرور. والثاني: كون {آيَةٌ} مؤنثا مجازيّا، وما كان كذلك يجوز تأنيث فعله، وتذكيره.

قال تعالى في سورة المزمل: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ،} وقال امرؤ القيس: [المتقارب]

برهرهة رؤدة رخصة... كخرعوبة البانة المنفطر

هذا؛ و: {آيَةٌ:} عبرة، وعظة. {فِي فِئَتَيْنِ:} طائفتين. {فِئَةٌ:} طائفة، وجماعة من الناس، وهي اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، وفريق، ومعشر... إلخ. {اِلْتَقَتا} أي: يوم بدر. {تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ:} في طاعة الله، ومن أجل إعلاء كلمته؛ إذ لا يذكر لفظ القتال، أو الجهاد؛ إلا ويقرن بقوله: {فِي سَبِيلِ اللهِ} وفي ذلك دلالة واضحة على أنّ الغاية من القتال، والجهاد غاية شريفة نبيلة، هي إعلاء كلمة الله، لا السيطرة، أو المغنم، أو الاستيلاء في الأرض، أو غير ذلك من الغايات الدنيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>