الإعراب:{وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ} هو مثل: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً}{فِي عُنُقِهِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، أو بمحذوف حال من {طائِرَهُ}. {وَنُخْرِجُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، {لَهُ:} متعلقان بما قبلهما. {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق به أيضا، و {يَوْمَ} مضاف، و {الْقِيامَةِ} مضاف إليه. {كِتاباً:} مفعول به، وهو حال على بناء الفعل للمجهول، ورجوع نائب الفاعل إلى {طائِرَهُ}. {يَلْقاهُ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل يعود إلى {(كُلَّ إِنسانٍ)،} والهاء مفعول به. {مَنْشُوراً:} حال من الضمير المنصوب، والجملة الفعلية في محل نصب صفة {كِتاباً} ويحتمل أن يكون (منشورا) صفة ثانية لكتاب، وجملة:{وَنُخْرِجُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها، وهي مستأنفة على بعض القراءات. تأمل.
الشرح:{اِقْرَأْ كِتابَكَ} أي: يقال له ذلك، فيقرؤه كل واحد سواء أكان أميا، أو غير أمي، عربيا كان أم أعجميا، فيقرؤه بلسان فصيح، وعقل سليم. {كَفى بِنَفْسِكَ..}. إلخ: أي: محاسبا.
قال الحسن رحمه الله تعالى: عدل في حقك والله من جعلك حسيب نفسك. قيل: يقول العبد:
وقال بعض الصلحاء: هذا كتاب، لسانك قلمه، وريقك مداده، وأعضاؤك قرطاسه، أنت كنت المملي على حفظتك، ما زيد فيه، ولا نقص منه، ومتى أنكرت منه شيئا؛ يكون الشاهد منك عليك. هذا؛ ولم يؤنث {حَسِيباً؛} لأنه بمنزلة الشاهد، والقاضي والأمين، وهذه الأمور يتولاها الرجال، فكأنه قيل: كفى بنفسك رجلا حسيبا. ويجوز أن تؤوّل النفس بمعنى: الشخص، كما يقال: ثلاثة أنفس. وقيل: حسيب بمعنى: محاسب، كخليط، وجليس بمعنى: مخالط، ومجالس، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. وانظر الآية رقم [٤٩] من سورة (الكهف).
هذا؛ والمراد: ب: {الْيَوْمَ} في الآية يوم القيامة، وهو مقدار ألف سنة من أيام الدنيا، كما في الآية رقم [٤٧] من سورة (الحج)، وأما اليوم في الدنيا فهو: الوقت من طلوع الشمس إلى غروبها، وهذا في العرف، وأما اليوم الشرعي، فهو من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس، كما يطلق اليوم على الليل، والنهار معا، كما رأيت في الآية رقم [١٢] يراد به الوقت مطلقا، تقول: ذخرتك لهذا اليوم؛ أي: لهذا الوقت، والجمع: أيام، وأصله: أيوام، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وجمع الجمع: أياويم، وأيام العرب: وقائعها، وحروبها، وأيام الله: نعمه، ونقمه، كما في الآية رقم [١٠٢] من سورة (يونس) عليه السّلام والآية رقم [٥] من سورة (إبراهيم) عليه السلام. ويقال:
فلان ابن الأيام؛ أي: العارف بأحوالها، ويقال: أنا ابن اليوم؛ أي: أعتبر حالي فيما أنا فيه.