الإعراب: {كَذَّبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له، {ثَمُودُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَعادٌ:} (الواو): حرف عطف. (عاد): معطوف على {ثَمُودُ}. {بِالْقارِعَةِ:} متعلقان بالفعل: {كَذَّبَتْ}.
{فَأَمّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطّاغِيَةِ (٥)}
الشرح: {بِالطّاغِيَةِ} أي: بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة، واختلف فيها، فقيل: الرجفة، أو الصيحة قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٧٧]: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} وقال في سورة (هود) رقم [٦٧]: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ}.
انظر شرح الآيتين في محلهما. هذا؛ والطاغية من: الطغيان، وهو محاوزة الحد، قال تعالى في سورة (العلق): {كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى} ويقال: طغا يطغى ويطغو طغيانا وطغوانا جاوز الحد، وكل مجاوز حده في العصيان طاغ، وطغى البحر هاجت أمواجه، وطغى السيل جاء بماء كثير، قال تعالى: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} رقم [١١] الآتية.
الإعراب: {فَأَمّا:} (الفاء): حرف تفريع، واستئناف. (أما): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد، أما كونها أداة شرط؛ لأنها قائمة مقام أداة الشرط وفعله بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل:
مهما يك من شيء؛ فثمود أهلكوا... إلخ، فأنيبت (أما) مناب: مهما، ويك من شيء، فصار:
(أما ثمود فأهلكوا...) إلخ، وأما كونها أداة تفصيل؛ لأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله، ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأما كونها أداة توكيد؛ لأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنه واقع لا محالة لكونها علقته على أمر متيقن. {ثَمُودُ:} مبتدأ.
{فَأُهْلِكُوا:} (الفاء): واقعة في جواب (أما). (أهلكوا): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {بِالطّاغِيَةِ:} متعلقان بما قبلهما.
{وَأَمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦)}
الشرح: {فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} أي: شديدة الصوت في الهبوب، لها صرصرة. وقيل:
هي الباردة، من الصر، كأنها التي كرر فيها البرد، وكثر، فهي تحرق بشدة بردها، كإحراق النار، {عاتِيَةٍ:} شديدة العصف، والعتو، فهي استعارة، أو عتت على قوم عاد، فلم يقدروا على ردها بحيلة من استتار ببناء، أو لياذ بجبل، أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكانهم، وتهلكهم. وقيل: عتت على خزانها، فخرجت بلا كيل، ولا وزن. روى سفيان الثوري عن موسى بن المسيب، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال