للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الانفطار]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (الانفطار) مكية في قول الجميع، وهي تسع عشرة آية، وثمانون كلمة، وثلاثمئة وسبعة وعشرون حرفا. انظر ما ذكرته في أول سورة (التكوير)، والله الموفق، والمعين.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{إِذَا السَّماءُ اِنْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ اِنْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥)}

الشرح: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} أي: تشققت بأمر الله تعالى لنزول الملائكة، كقوله تعالى في سورة (الفرقان) رقم [٢٥]: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً}. وقيل: تفطرت لهيبة الله تعالى. والفطر: الشق عن الشيء. يقال: فطرته، فانفطر. قال تعالى في سورة (المزمل):

{السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} ومنه: فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطر الشيء: تشقق، وسيف فطار؛ أي: فيه تشقق. قال عنترة: [الوافر]

وسيفي كالعقيقة وهو كمعي... سلاحي لا أفلّ ولا فطارا

العقيقة: شعاع البرق الذي يبدو كالسيف، والكمع: الضجيع. وقد ذكر {فاطِرِ} و (فطر) في كثير من الآيات. وانظر الآية رقم [٣] من سورة (الملك). {وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ} أي: تساقطت.

وانظر ما ذكرته في سورة (التكوير). هذا؛ ويقال: نثرت الشيء، أنثره نثرا، فانتثر، والاسم:

النثار بكسر النون، وبضمها: ما تناثر من الشيء. ففي هذه الآية استعارة مكنية، حيث شبه الكواكب بجواهر قطع سلكها، فتناثرت متفرقة، وطوى ذكر المشبه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو الانتثار على طريق الاستعارة المكنية.

{وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ} أي: فجر بعضها في بعض فصارت بحرا واحدا، وزال الحاجز الذي ذكر الله في سورة (الرحمن) بقوله: {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ،} وفي سورة (الفرقان) بقوله: {وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً}. وقال الحسن-رحمه الله-: {فُجِّرَتْ} ذهب ماؤها، ويبست، وذلك:

أنها أولا راكدة مجتمعة، فإذا فجرت؛ تفرقت، فذهب ماؤها. {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} أي: قلبت، وأخرج ما فيها من أهلها أحياء، يقال: بعثرت المتاع: قلبته ظهرا لبطن، وبعثرت الحوض،

<<  <  ج: ص:  >  >>