للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبل عليه، فقال: «يا صلة تنجيهم من النار ثلاثا». خرجه ابن ماجة في السنن. انتهى قرطبي.

والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِلاّ:} أداة استثناء. {رَحْمَةً:} مستثنى، وهل الاستثناء متصل، أو منقطع؟ انظر الشرح. {مِنْ رَبِّكَ:} متعلقان ب‍: {رَحْمَةً} أو بمحذوف صفة لها، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه... {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل.

{فَضْلَهُ:} اسم {إِنَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {كانَ:}

ماض ناقص، واسمه مستتر فيه. {عَلَيْكَ:} متعلقان بما بعدهما. {كَبِيراً:} خبر {كانَ،} وجملة: {كانَ..}. إلخ في محل رفع خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية تعليلية، أو مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقد قال أبو البقاء: {إِلاّ رَحْمَةً} هو مفعول له، والتقدير: حفظناه عليك للرحمة. ويجوز أن يكون مصدرا، تقديره: لكن رحمناك رحمة. انتهى. والمعنى لا يأبى الاعتبارين. تأمل.

{قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة حين قال المشركون ما ذكره الله عنهم: {لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا} فكذبهم الله عز وجل، فالقرآن معجز في النظم، والتأليف، والإخبار عن الغيوب، وهو كلام في أعلى طبقات البلاغة، لا يشبه كلام الخلق؛ لأنه كلام الخالق، وهو غير مخلوق، ولو كان مخلوقا لأتوا بمثله. انتهى. خازن.

أقول: وفي الآية دليل قاطع على عجز الإنس، والجن عن الإتيان بمثل هذا القرآن، كيف لا؟ ولو قدروا لأتوا بمثله مع تطاول الأعوام، والسنين، وكيف يأتون بمثله، وقد تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله، ولو بالاستعانة بأصنامهم، وآلهتهم التي يدعونها من دون الله، بعد هذا انظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٨] من سورة (يونس) عليه السّلام تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، والله الموفق.

هذا؛ و {الْإِنْسُ} البشر، الواحد: إنسي بكسر الهمزة فيهما، وجمع الإنسي: أناس كما في الآية رقم [٧١] وأناسيّ. قال تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً} الآية رقم [٤٩] من سورة (الفرقان) ويقال أيضا: أناسية، مثل:

صيارفة، وصياقلة. هذا؛ وسمي بنو آدم إنسا لظهورهم، وأنهم يؤنسون؛ أي: يبصرون، كما سمي الجن جنا؛ لاجتنانهم؛ أي: لاختفائهم عن أعين البشر، وسمي بنو آدم بشرا لبدو بشرتهم، كما رأيت في الآية رقم [١٠٣] من سورة (النحل). وانظر شرح (الإنسان) في الآية رقم [١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>