للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} أي: خاف الرحمن، وأطاعه؛ ولم يره. وقيل: خافه في الخلوة بحيث لا يراه أحد؛ إذا ألقى الستر، وأغلق الباب. و {وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} أي: مخلص لله، مقبل على طاعته، وعبادته. وقال أبو بكر الوراق: علامة المنيب أن يكون عارفا لحرمته، مواليا له، متواضعا لجلاله، تاركا لهوى نفسه.

الإعراب: {هذا:} الهاء: حرف تنبيه، لا محلّ له. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. {تُوعَدُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية صلة {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: هذا الذي، أو شيء توعدونه. {لِكُلِّ:} بدل من قوله: {لِلْمُتَّقِينَ} بإعادة الجار، كقوله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٧٥]: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} وعليه فالجملة الاسمية: {هذا ما تُوعَدُونَ} معترضة بين البدل، والمبدل منه، لا محلّ لها، و (كل) مضاف، و {أَوّابٍ} مضاف إليه، وهو صفة لموصوف محذوف، التقدير: لكل عبد أواب.

{حَفِيظٍ:} صفة ثانية للمحذوف. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بدل من (كل)، أو هو في محل رفع مبتدأ، والخبر جملة: {اُدْخُلُوها} على اعتباره اسم شرط جازم، فيكون الجواب محذوفا، التقدير: فيقال لهم: ادخلوها، أو هو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم من، أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أعني من، وأجاز الزمخشري أن يكون منادى، كقولهم: يا من لا يزال محسنا أحسن إليّ، وحذف حرف النداء للتقريب. {خَشِيَ:} ماض، والفاعل يعود إلى: {مَنْ،} وهو في محل جزم فعل الشرط على اعتباره شرطا، والجملة الفعلية صلة {مَنْ} على اعتبارها موصولة. {بِالْغَيْبِ:} متعلقان بمحذوف حال من: {الرَّحْمنَ} أي: خشيه؛ وهو غائب لم يشاهده. {وَجاءَ:} الواو: حرف عطف. (جاء): ماض، والفاعل يعود إلى: {مَنْ،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{بِقَلْبٍ:} متعلقان بما قبلهما. {مُنِيبٍ:} صفة (قلب).

{اُدْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)}

الشرح: {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} أي: يقال لأهل الصفات المتقدمة: {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ:} بسلامة من العذاب، والهموم، والأحزان. وقيل: بسلام من الله، وملائكته عليهم. وقيل: بسلامة من زوال النعم. هذا؛ ولا تنس: أنه أفرد الضمير في الاية السابقة مراعاة للفظها، وجمعه هنا مراعاة لمعناها. {ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} أي: يخالدون في الجنة، فلا يموتون، ولا يظعنون أبدا، ولا يبغون عنها حولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>