التقدير: فيكفي شهادة أحدهم. وهذه الوجوه صحيحة على نصب {أَرْبَعُ،} وأما على رفعه؛ فهو خبر (شهادة أحدهم) بلا ريب، وشهادة مضاف، و {أَحَدِهِمْ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَرْبَعُ:} خبر المبتدأ، و (أربع) مضاف، و {شَهاداتٍ:}
مضاف إليه، والجملة الاسمية:(شهادة أحدهم...) إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَالَّذِينَ..}. إلخ معطوفة على مثلها في الآية رقم [٤]، وهي في الحقيقة عطف قضية على قضية، كما رأيت في الشرح. هذا؛ ويقرأ بنصب (أربع) على أنه مفعول مطلق عامله «(شهادة)» على حد قوله تعالى: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً} الآية رقم [٦٣] من سورة (الإسراء)، وهذا صحيح على جميع الوجوه الأولى المعتبرة في إعراب (شهادة أحدهم).
{بِاللهِ:} متعلقان ب: {شَهاداتٍ} قبلهما، وذلك على رفع {أَرْبَعُ،} وأما على نصبه فيجوز فيهما ثلاثة أوجه: أحدها: أن يتعلقا ب: {شَهاداتٍ؛} لأنه أقرب إليهما. والثاني: أنهما متعلقان بقوله: {فَشَهادَةُ} أي: فشهادة أحدهم بالله، ولا يضر الفصل ب:{أَرْبَعُ؛} لأنها معمولة للمصدر، فليست أجنبية عنه. والثالث: أن المسألة من باب التنازع، فإن كلاّ من (شهادة) و {شَهاداتٍ} يطلبه من حيث المعنى، وتكون المسألة من إعمال الثاني للحذف من الأول، وهو مختار البصريين، وعلى قراءة رفع {أَرْبَعُ} فيتعين تعليقهما ب: {شَهاداتٍ؛} إذ لو علق ب: (شهادة) لزم الفصل بين المصدر، ومعموله بالخبر، وهو لا يجوز؛ لأنه أجنبي.
{إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. اللام: هي المزحلقة. (من الصادقين): متعلقان بمحذوف خبر (إنّ)، والجملة الاسمية:{إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ} في محل نصب مفعول به للمصدر {شَهاداتٍ،} أو (شهادة) على نصب (أربع)، ويتعين أن تكون الجملة الاسمية معمولة ل:{شَهاداتٍ} على رفع {أَرْبَعُ} لما ذكرنا من التفرقة بالأجنبي، ولم تفتح همزة (إنّ) من أجل اللام التي في الخبر، فإنها في الأصل لام الابتداء، وهي معلقة للمصدر عن العمل، كما علقت فعله عن العمل في قوله تعالى:{وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} وكما في الآية رقم [٨] الآتية. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته:[الرجز]
وكسروا من بعد فعل علّقا... باللاّم كاعلم إنّه لذو تقى
الشرح:{وَالْخامِسَةُ} أي: والشهادة الخامسة، كما رأيت في شرح الآية السابقة. {أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ:} اللعن: الطرد من رحمة الله تعالى. هذا؛ ولقد كرر الله لعن الكفار في الآية رقم [١٦١] من سورة (البقرة)، كما لعن الظالمين، والكاذبين، والناقضين للعهد، والميثاق في آيات متفرقة، وهو دليل قاطع على أن من مات على كفره، فقد استحق اللّعن من الله،