الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} أي: إن المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان وصالح الأعمال هم خير الخليقة التي خلقها الله، وبرأها، فهم بسبب أعمالهم الصالحة، واجتنابهم الشرك، والأعمال القبيحة استحقوا أن يكونوا خير البرية. والخيرية يقال فيها ما قيل بقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٤٧]: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ} ولا تنس المقابلة بين الآية، وسابقتها.
الشرح:{جَزاؤُهُمْ} أي: ثواب الذين آمنوا، وعملوا الصالحات. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: مدخر عند ربهم، والعندية عندية تشريف، وتكريم، لا عندية مكان. {جَنّاتُ عَدْنٍ:} جنات إقامة، وخلود، يقال: عدن بالمكان: أقام فيه، ومنه: المعدن الموجود في باطن الأرض. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«عدن دار الله التي لم ترها عين قطّ، ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها إلا ثلاثة:
النبيون، والصدّيقون، والشهداء، يقول الله تعالى: طوبى لمن دخلك». رواه الطبراني عن أبي الدرداء-رضي الله عنه-. وقال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: إن في الجنة قصرا، يقال له: عدن، حوله البروج، والمروج، فيه خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حبرة، لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو شهيد. والحبرة بكسر الحاء وفتحها: ضرب من البرود اليمنية مخطط. وروي: أن عمر الفاروق-رضي الله عنه-قال لكعب الأحبار: ما جنات عدن؟ قال:
قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون، والصديقون، والشهداء، وأئمة العدل.
{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} أي: من تحت قصورها، وبين أشجارها. {خالِدِينَ فِيها أَبَداً:} مقيمون لا يبرحون منها، لا يظعنون، ولا يموتون، ولا يهرمون. هذا؛ والأبد: الزمان الطويل؛ الذي ليس له حد، فإذا قلت: لا أكلمك أبدا، فالأبد من وقت التكلم إلى آخر العمر.
{رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} أي: قبل الله أعمالهم، فرضي عنهم، ونالوا ثوابه، فرضوا بما أعطاهم. وقال محمد بن الفضل: الروح، والراحة في الرضا، واليقين، والرضا باب الله الأعظم، ومحل استرواح العابدين. هذا؛ ولقد تكرر رضا الله عن عباده، ورضا عباده عنه في