رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، وجملة:{فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. {قُضِيَ}: ماض مبني للمجهول. {الْأَمْرُ}:
نائب فاعل. {الَّذِي}: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة: {الْأَمْرُ}. {فِيهِ}:
متعلقان بما بعدهما. {تَسْتَفْتِيانِ}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون والألف فاعله، ومفعوله محذوف، التقدير: تستفتيانني فيه، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، وجملة:{قُضِيَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، والآية بكاملها من مقول يوسف على نبينا، وعليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ألف صلاة، وألف تسليم.
الشرح:{وَقالَ} أي: يوسف. {لِلَّذِي ظَنَّ} أي: علم وتيقن، فالظن هنا بمعنى اليقين، {أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا} أي: ناج من القتل، وهو الساقي. {اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}: عند سيدك، وهو الملك الأكبر، والرب بمعنى السيد معروف في اللغة، قال الأعشى:[الكامل]
ربّي كريم لا يكدّر نعمة... وإذا تنوشد في المهارق أنشدا
ومعنى {اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أي: قل له: إن في السجن غلاما محبوسا مظلوما طال حبسه. {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}: في الضمير قولان: أحدهما أن يعود إلى الساقي، والمعنى أنسى الشيطان الساقي أن يذكر يوسف عند الملك، والقول الثاني أن الضمير يعود إلى يوسف عليه السّلام، والمعنى: إن الشيطان أنسى يوسف ذكر ربه حتى طلب الإعانة من مخلوق مثله على دفع الضرر، وتلك غفلة عرضت له، فإن الاستعانة بالمخلوق في دفع الضرر جائزة، لكن لما كان مقام يوسف أعلى المقامات، ورتبته أشرف المراتب، وهي منصب النبوة والرسالة، صار مؤاخذا بذلك؛ لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، وانظر شرح {رَبَّكُمْ} في الآية رقم [٣] من سورة (هود)، وشرح {الشَّيْطانُ} في الاستعاذة أول هذه السورة.
{فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}: لقد اختلفوا في البضع، والأصح أنه ما بين الثلاث إلى التسع، والمراد فيه في هذه الآية سبع سنين، وكان قد لبث قبلها في السجن خمس سنين، فجملة ذلك اثنتا عشرة سنة، قال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: لما قال يوسف للساقي: {اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ،} قال الله له: يا يوسف اتخذت من دوني وكيلا، لأطيلن حبسك! فبكى، وقال:
يا رب أنسى قلبي ذكرك كثرة البلوى، فقلت: كلمة. وروى أبو سلمة عن أبي هريرة-رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «رحم الله يوسف لولا الكلمة الّتي قالها ما لبث في السّجن ما لبث».
وقيل: إن جبريل عليه السّلام دخل السجن، فلما رآه يوسف عرفه، فقال له: يا أخا المنذرين، ما