للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {ضَرَبْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية جواب القسم، لا محل لها. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٢] من سورة (يس). {لِلنّاسِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما. {فِي هذَا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل {ضَرَبْنا} أيضا. وقيل:

متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له. والهاء حرف تنبيه لا محل له، واسم الإشارة مبني على السكون في محل جر. {الْقُرْآنِ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه. {مِنْ كُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {ضَرَبْنا} أيضا. وهما في محل المفعول به، وعند التأمل يتبين لك:

أنهما متعلقان بمحذوف صفة لمفعول {ضَرَبْنا} المحذوف؛ إذ التقدير: ضربنا للناس مثلا كائنا من كل مثل، و {كُلِّ} مضاف، و {مَثَلٍ} مضاف إليه. هذا؛ والجملة القسمية مستأنفة، لا محل لها. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها، وجملة:

{يَتَذَكَّرُونَ} في محل رفع خبر (لعلّ)، والجملة الاسمية مفيدة للتعليل، لا محل لها. تأمل وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨)}

الشرح: {قُرْآناً عَرَبِيًّا:} هذا؛ وقال تعالى في أول سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي: بلغتكم؛ لكي تعلموا معانيه، وتفهموا ما فيه، ويؤخذ من هذه الآية: أنه يجوز إطلاق اسم القرآن على بعضه؛ لأن سورة (يوسف) بعض القرآن، ولأنه اسم جنس يقع على الكل، والبعض، واختلف هل يمكن أن يقال: في القرآن شيء بغير العربية، فأنكر أبو عبيدة على من يقول ذلك أشد النكير، وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة-رضي الله عنهم-: أن فيه من غير العربية مثل: (سجّيل، والمشكاة، واليمّ، وإستبرق، وسندس) ونحو ذلك، وهذا هو الصحيح المختار؛ لأن هؤلاء أعلم من أبي عبيدة بلسان العرب، وكلا القولين صواب؛ إن شاء الله تعالى، ووجه الجمع بينهما: أن هذه الألفاظ لما تكلمت بها العرب، ودارت على ألسنتهم بسهولة؛ صارت عربية فصيحة؛ وإن كانت غير عربية في الأصل.

{غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} أي: لا اختلال فيه بوجه من الوجوه. وقيل: غير ذي شك. قاله السدي فيما ذكره الماوردي، وأنشد: [البسيط]

وقد أتاك يقين غير ذي عوج... من الإله وقول غير مكذوب

وقيل: المعنى مستقيما بريئا من التناقض، والاختلاف. قال الزمخشري: فإن قلت:

فهلا قيل: مستقيما، أو: غير معوج؛ قلت: فيه فائدتان: إحداهما: نفى أن يكون فيه عوج قط، كما قال تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً} رقم [١] من سورة (الكهف). والثانية: أن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان. وقيل: المراد بالعوج: الشك، واللبس، وأنشد البيت. هذا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>