للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩)}

الشرح: {قُلْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: قالت اليهود:

يا محمد! تزعم أننا قد، أوتينا الحكمة، وفي كتابك: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} ثم تقول: {وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً}. فأنزل الله تعالى هذه الآية. هذا؛ و (المداد): الحبر الذي يستعمل للكتابة، و {(لِكَلِماتِ رَبِّي):} المراد بها: علمه وحكمه. وقيل:

مواعظه. وقيل: معلوماته. وقيل: عنى بها الكلام القديم الذي لا غاية له، ولا منتهى، وهو وإن كان واحدا، فيجوز أن يعبر عنه بلفظ الجمع لما فيه من فرائد الكلمات، ولأنه ينوب منابها، فجاءت العبارة عنها بصيغة الجمع تفخيما. قال تعالى: {نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ} و {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} وغير ذلك كثير. {وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً:} عددا، وزيادة، وعليه فالمدد غير المداد، وهو الصحيح.

المعنى: لو كان الخلائق يكتبون، وماء البحر حبرا يستعملونه في الكتابة لإحصاء كلمات الله؛ لفني البحر، ولم تفن كلمات الله، ولو جئنا بمثل ماء البحر في كثرته مددا وزيادة؛ لنفد كذلك، ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة (لقمان): {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ}. انظر شرحها هناك. والآيتان نزلتا بسبب واحد.

الإعراب: {قُلْ:} أمر وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {لَوْ:} حرف لما كان سيقع لوقوع غيره. {كانَ:} ماض ناقص. {الْبَحْرُ:} اسم {كانَ}. {مِداداً:} خبرها، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لِكَلِماتِ:} متعلقان بمحذوف صفة {مِداداً،} و (كلمات): مضاف، و {رَبِّي:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لَنَفِدَ:} اللام: واقعة في جواب (لو). (نفد): ماض. {الْبَحْرُ:}

فاعله، والجملة الفعلية جواب {لَوْ،} لا محل لها. {قَبْلَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، والمصدر المؤول من: {أَنْ تَنْفَدَ} في محل جر بإضافة {قَبْلَ} إليه، التقدير: قبل نفاد الكلمات.. إلخ، {لِكَلِماتِ:} فاعل، وهو مضاف، و {رَبِّي} مضاف إليه... إلخ، و {لَوْ} ومدخولها في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ لَوْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، و {وَلَوْ جِئْنا..}. إلخ معطوف على ما قبله، فهو في محل نصب مثله، وجواب {لَوْ} محذوف، التقدير لنفد البحر ومثله معه. {مَدَداً:} تمييز.

<<  <  ج: ص:  >  >>