للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأُولئِكُمْ:} الواو: حرف استئناف. ({أُولئِكُمْ}): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف: حرف خطاب لا محلّ له. {جَعَلْنا:} فعل وفاعل. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الأول. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما أيضا، ويجوز اعتبارهما متعلّقين بمحذوف حال من: {سُلْطاناً} كان صفة له، فلما قدّم عليه صار حالا، على القاعدة... إلخ {سُلْطاناً:} مفعول به. {مُبِيناً:} صفة له، وجملة: {جَعَلْنا..}.

إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: ({أُولئِكُمْ..}.) إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٩٢)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة في عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي، وذلك: أنّه أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو بمكّة قبل الهجرة، فأسلم، ثمّ خاف أن يظهر إسلامه لأهله، فخرج هاربا إلى المدينة، وتحصّن في أطم من آطامها. والأطم: الحصن، فجزعت أمّه لذلك جزعا شديدا، وقالت لابنيها: الحارث، وأبي جهل، وهما أخوا عيّاش لأمّه: والله لا يظلّني سقف، ولا أذوق طعاما، ولا شرابا حتى تأتياني به، فخرجا في طلبه، وخرج معهما الحارث بن زيد بن أنيسة، حتّى أتوا المدينة، فأتوا عياشا، وهو في الأطم، فقالوا له: انزل، فإنّ أمّك لم يؤوها سقف بعدك، وقد حلفت لا تأكل، ولا تشرب حتّى ترجع إليها، ولك عهد الله علينا ألا نكرهك على شيء يحول بينك وبين دينك! فلمّا ذكروا له جزع أمه، وأوثقوا له العهد بالله نزل إليهم.

فأخرجوه من المدينة، وأوثقوه بنسعة، وجلده كلّ واحد منهما مائة جلدة، ثم قدموا به على أمّه، فلمّا أتاها؛ قالت: لا أحلك من وثاقك حتّى تكفر بالذي آمنت به! ثمّ تركوه موثقا في الشّمس ما شاء الله، فأعطاهم الّذي أرادوا، فأتاه الحارث بن زيد، فقال: يا عياش! أهذا الذي كنت عليه؛ لئن كان هدى؛ لقد تركت الهدى، ولئن كان ضلالة؛ لقد عكفت عليها، فغضب عيّاش-رضي الله عنه-من مقالته، وقال: والله لا ألقاك خاليا إلا قتلتك! ثمّ إنّ عيّاشا-رضي الله عنه-رجع إلى إسلامه، وهاجر، وأسلم الحارث بن زيد أيضا، وهاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يعلم عيّاش بإسلامه، فبينما عياش-رضي الله عنه-يسير بظهر قباء؛ إذ لقي الحارث، فقتله، فقال له الناس:

<<  <  ج: ص:  >  >>