المحل بحركة حرف الجر الزائد، و {كُلِّ:} مضاف، و {الثَّمَراتِ:} مضاف إليه. هذا؛ وقد قال الجمل: {مِنْ} تبعيضية، أو ابتدائية. ولا معنى لهما هنا، كما هو ظاهر. وقال الخازن يعني:
وأخرجنا بذلك البلد بعد موته، وجد به من أصناف الثمار، والزروع. وهذا لا يفيد في الإعراب، والمرجح ما أعربته لك. {كَذلِكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله ما بعده، وتقدير الكلام: نخرج الموتى من قبورهم إخراجا كائنا مثل إخراج الثمرات من الخشب اليابس. واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {نُخْرِجُ:}
مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {الْمَوْتى:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية: {كَذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} إعراب هذه الجملة، ومحلها هو مثل: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} في الآية رقم [٢٥].
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (٥٨)}
الشرح: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ:} الأرض الكريمة التربة السهلة السمحة. {يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ:} بأمره، وتيسيره حسنا جيدا مثمرا؛ لأنه مقابل لما بعده. هذا؛ وانظر: {وَالْبَلَدُ} في الآية السابقة، وإعلال: {الطَّيِّبُ} مثل إعلال: {الْمَيِّتِ} في الآية رقم [٩٥] (الأنعام). هذا؛ ويقرأ:
«يخرج» بالبناء للمعلوم، والبناء للمجهول، فالأول من الثلاثي، والثاني من الرباعي، ورفع:
{نَباتُهُ} على القراءتين، كما يقرأ بالبناء للمعلوم من الرباعي، ونصب: {نَباتُهُ} وانظر شرح:
{رَبِّهِ} في الآية رقم [٣]. {وَالَّذِي خَبُثَ} أي: خبث ترابه، وأرضه، فهي سبخة لا تنبت. {إِلاّ نَكِداً} أي: عسيرا، وبمشقة، وكلفة. والمراد: إلا نباتا قليلا نادرا غير نافع، كشوك، ونحوه مما لا نفع فيه وهو يقرأ بكسر الكاف، وفتحها، وسكونها. {كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ:} نكررها، ونرددها تارة من جهة المقدمات العقلية، وتارة من جهة الترغيب، والترهيب، وتارة بالتنبيه، والتذكير بأحوال المتقدمين. {لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} أي: الله تعالى على إنعامه عليهم بالهداية، والتوفيق، وحيث جنبهم طريق الكفر، والضلال. وإنما خص الشاكرين بالذكر؛ لأنهم هم الذين انتفعوا بسماع القرآن، فعملوا بتعاليمه. وانظر شرح: {الْآياتِ} في الآية رقم [٩] وانظر شرح:
{لِقَوْمٍ} في الآية رقم [٣٢] وانظر: {تَشْكُرُونَ} في الآية رقم [١٠] وانظر (نا) في الآية رقم [٧].
تنبيه: قال المفسرون: هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن، والكافر، فشبه المؤمن بالأرض الحرة الطيبة، وشبه نزول القرآن على قلب المؤمن. بنزول المطر على الأرض الطيبة، فإذا نزل المطر عليها؛ أخرجت أنواع الأزهار، والثمار، كذلك المؤمن إذا سمع القرآن؛ آمن به، وانتفع به، وظهرت منه الطاعات، والعبادات، وأنواع الأخلاق الحميدة. وشبه الكافر بالأرض الرديئة