مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير المقدر مضافا إليه.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤)}
الشرح: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ} أي: من الأعمال الصالحات، ف: {فَمَنْ} للتبعيض، لا للجنس؛ إذ لا قدرة للمكلف أن يأتي بجميع الطاعات، فالمعنى: من يعمل شيئا من الطاعات فرضا، أو نفلا، وهو موحد مسلم. والإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحات، كما قد بينته مرارا، وذكرت: أن ذلك يسمى في علم البديع احتراسا، والعكس صحيح، وهو:
أن الإيمان إذا لم يقرن بالعمل الصالح قد لا يجدي، وقد يضعف، ثم يضمحل؛ فالعمل الصالح بمنزلة الماء للشجر يغذيه، ويقويه، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠٧] من سورة (الكهف).
{فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ} أي: لا جحود لعمله؛ أي: لا يضيع الله ثواب عمله الصالح.
استعير (الكفران) الذي بمعنى الجحود لمنع الثواب كما استعير الشكر لمنحه، وإعطائه، وانظر شرح «الكفر» في الآية رقم [٣٠] {وَإِنّا لَهُ كاتِبُونَ} أي: لعمله مسجلون، وحافظون له في صحيفته. نظيره قوله تعالى في سورة (آل عمران): {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى} وانظر الآية رقم [٩٧] من سورة (النحل).
الإعراب: {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَعْمَلْ:} مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {مِنَ الصّالِحاتِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، والجملة الاسمية: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} مع المتعلق المحذوف معترضة، أو هي في محل نصب حال من الفاعل المستتر. والرابط: الواو والضمير. {فَلا:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (لا): نافية للجنس تعمل عمل «إن».
{كُفْرانَ:} اسم (لا) مبني على الفتح في محل نصب. {لِسَعْيِهِ:} متعلقان بمحذوف خبر (لا)، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية: {فَلا كُفْرانَ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [٢٩] والجملة الاسمية: {فَمَنْ يَعْمَلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَإِنّا:} الواو: حرف عطف.
(إنا): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {لَهُ:}
متعلقان بما بعدهما. {كاتِبُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية: {وَإِنّا لَهُ..}.
إلخ معطوفة على جملة جواب الشرط، أو هي في محل نصب حال من: (سعيه)، أو هي مستأنفة لا محل لها، أوجه ثلاثة تجوز فيها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.