عقلي، على حدّ: جدّ جدّه؛ لأنّ البعيد في الحقيقة إنّما هو الضال؛ لأنّه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، وانظر (الأحقاف) [٢٨]. هذا؛ و {يُمارُونَ} من المماراة، وهي المجادلة، والمخاصمة. وهي مذمومة إلاّ عند الضرورة القصوى، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل». ثم قرأ قوله تعالى: {ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً}. رواه الترمذي، وابن ماجه.
الإعراب: {يَسْتَعْجِلُ:} مضارع. {بِهَا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الَّذِينَ:}
اسم موصول، مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية بعده صلته، والعائد: واو الجماعة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. {وَالَّذِينَ:} الواو: واو الحال. {الَّذِينَ:}
مبتدأ، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة له. {مُشْفِقُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، وفاعله مستتر فيه. {مِنْها:} متعلقان به، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالباء، والرابط: الواو، والضمير، ومن يجيز عطف الجملة الاسمية على الفعلية يعطفها على ما قبلها. {وَيَعْلَمُونَ:} الواو: حرف عطف. (يعلمون): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله. {أَنَّهَا:} حرف مشبه بالفعل، و (ها):
اسمها. {الْحَقُّ:} خبرها، و (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سدّ مسدّ مفعولي (يعلمون)، والجملة الفعلية معطوفة على: {مُشْفِقُونَ} فهي في محل رفع مثله.
{أَلا:} حرف تنبيه، واستفتاح يسترعي انتباه المخاطب لما يأتي بعده من كلام. {إِنَّ:}
حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها، وجملة:
{يُمارُونَ فِي السّاعَةِ} صلة الموصول، لا محلّ لها من الإعراب. {لَفِي:} اللام: المزحلقة.
(في ضلال): متعلقان بمحذوف خبر: {إِنَّ}. {بَعِيدٍ:} صفة: {ضَلالٍ،} والجملة الاسمية:
{أَلا إِنَّ..}. إلخ، لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، أو مستأنفة.
{اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩)}
الشرح: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ:} في إيصال المنافع، وصرف البلاء من وجه يلطف إدراكه، أو: هو بر بليغ البر بهم، وقد توصل بره إلى جميعهم. وقيل: هو من لطف بالغوامض علمه، وعظم عن الجرائم حلمه. أو هو من ينشر المناقب، ويستر المثالب. أو يعفو عمّن يهفو. أو يعطي العبد فوق الكفاية، ويكلّفه الطاعة دون الطاقة، وعن الجنيد: لطف بأوليائه فعرفوه، ولو لطف بأعدائه ما جحدوه. وقيل: لطيف بالبر والفاجر؛ حيث لم يهلكهم جوعا بمعاصيهم، يدلّ عليه قوله تعالى: {يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ} أي: إن الإحسان، والبر إنعام في حق كل العباد، وهو إعطاء ما لا بدّ منه. فكل من رزقه الله تعالى من مؤمن، وكافر، وذي روح، فهو ممن يشاء الله أن يرزقه.