الإعراب:{كَلاّ:} انظر ما قيل فيها في الشرح. {سَوْفَ:} حرف تسويف، واستقبال. وانظر الشرح أيضا. {تَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والمفعول محذوف للتعميم، والجملة الفعلية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، والتي بعدها معطوفة عليها، وقد جعله ابن مالك من التوكيد اللفظي مع توسط حرف العطف.
وقال الزمخشري: والتكرير تأكيد للردع، والرد عليهم، و {ثُمَّ} دالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول. وانظر الشرح.
تنبيه: قال ابن هشام رحمه الله في المغني: إذا تعلق الإعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل، فيقتصر عليهما، ولا يذكر المفعول، ولا ينوى؛ إذ المنويّ كالثابت، ولا يسمى محذوفا؛ لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له، ومنه قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٥٨]: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ،} وقوله تعالى في سورة (الزمر) رقم [٩]: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} وقوله تعالى في سورة (الأعراف)[٣١]: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا،} وقوله تعالى في سورة (الإنسان) رقم [٢٠]: {وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ} إذا المعنى: ربي الذي يفعل الإحياء، والإماتة. وهل يستوي من يتصف بالعلم، ومن ينتفي عنه العلم؟ وأوقعوا الأكل، والشرب، وذروا الإسراف. وإذا حصلت منك رؤية هنالك. ومنه على الأصح قوله تعالى في سورة (القصص) رقم [٢٣]: {وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ} ألا ترى أنه عليه الصلاة، والسّلام إنما رحمهما؛ إذ كانتا على صفة الذياد، وقومهما على السقي، لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم إبلا، وكذلك التصور من قولهما (نسقي) السقي، لا المسقي، ومن لم يتأمل قدر يسقون إبلهم، وتذودان غنمهما، ولا نسقي غنما. انتهى.
الشرح: أي: لو تعلمون اليوم من البعث، والحشر، والمجازاة ما تعلمونه إذا جاءتكم نفخة الصور، وانشقت اللحود عن جثثكم كيف يكون حشركم، وجزاؤكم؛ لشغلكم ذلك عن التكاثر بالدنيا. وقيل: المعنى لو تعلمون كيف تتطاير الصحف؛ فالناس بين شقي، وسعيد في ذلك اليوم العظيم شأنه، الطويل زمانه. {عِلْمَ الْيَقِينِ} أي: علما يقينا. فهو من إضافة الموصوف إلى صفته. وقال القرطبي: وإضافة العلم إلى اليقين، كقوله تعالى في سورة (الواقعة) رقم [٩٥]:
{إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ،} وفي سورة (الحاقة) رقم [٥١]: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}. وقال النسفي:
التقدير علم الأمر اليقين.
{لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ:} فهو كقوله تعالى في سورة (النازعات): {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى} والخطاب للكفار؛ الذين وجبت لهم النار. وقيل: هو عام لجميع الناس، كما قال تعالى في سورة (مريم) رقم [٧١]: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها..}. إلخ فهي للكفار دار، ومقر، وللمؤمنين على ظهرها ممر.