للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦)}

الشرح: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا} يعني: السادة، والرّؤساء تبرءوا ممّن اتّبعهم على الكفر، ينكرون إضلالهم. وفي مختصر ابن كثير: تبرأت الملائكة الّذين كانوا يزعمون: أنّهم يعبدونهم في الدّار الدنيا، فتقول الملائكة: {تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيّانا يَعْبُدُونَ} سورة (القصص) رقم [٦٣]. {قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} سورة (سبأ) رقم [٤١]، والجن أيضا تتبرأ منهم، كما قال تعالى: {وَإِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ} (الأحقاف) رقم [٦]، والمعتمد الأول. {مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} وهم الضعفاء الذين اتبعوا الأقوياء، وقلّدوهم بالكفر، والضلال. هذا؛ والتبرّؤ: الخلوص، والانفصال، ومنه: برئت من الدين، ونحوه، وهو هنا بمعنى: يتبرأ، وعبّر بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه، ومثله كثير في القرآن الكريم. {وَرَأَوُا الْعَذابَ} يعني: التابعين، والمتبوعين. قيل: عند تيقنهم العذاب عند المعاينة، وقيل: عند العرض والمساءلة في الآخرة، قال القرطبيّ-رحمه الله تعالى-: كلاهما حاصل، يعاينون عند الموت ما يصيرون إليه من الهوان. وفي الآخرة يذوقون أليم العذاب، والنّكال. {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ} جمع: سبب، وهو في الأصل: ما يتصل به إلى شيء عينا كان، أو معنى، والمراد به هنا: الوصل التي كانت بينهم في الدّنيا من القرابات، والصّداقات، والمال، وغير ذلك. وأسباب السموات: أبوابها، وطرقها، قال تعالى: {وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ}.

وقال زهير في معلّقته: [الطويل]

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه... ولو رام أسباب السّماء بسلّم

الإعراب: {إِذْ:} بدل من سابقتها في الآية السابقة. {تَبَرَّأَ:} فعل ماض. {الَّذِينَ:}

فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {اُتُّبِعُوا} فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول. {مِنَ الَّذِينَ:} متعلقان بالفعل {تَبَرَّأَ} وجملة: {اُتُّبِعُوا} مع مفعوله المحذوف صلة الموصول لا محل لها. {وَرَأَوُا الْعَذابَ:} فعل ماض وفاعله ومفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، وهي على تقدير: «قد» قبلها، والرابط: الواو، والضمير، والجملة الفعلية بعدها معطوفة عليها، وهي في محل نصب حال مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>