للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: وقيل: إن سبب نزول هذه الآية ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما وصف مساءلة منكر ونكير، وما يكون من جواب الميت قال عمر-رضي الله عنه-: يا رسول الله! أيكون معي عقلي؟ قال: «نعم». قال: كفيت إذا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

الإعراب: {يُثَبِّتُ اللهُ:} مضارع وفاعله. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها.

{بِالْقَوْلِ:} متعلقان بالفعل يثبت. {الثّابِتِ:} صفة القول. {فِي الْحَياةِ:} متعلقان بالفعل {يُثَبِّتُ}. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، وهو ضعيف. {الدُّنْيا:} صفة {الْحَياةِ} مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، وبعضهم يعتبره مضافا إليه، والأول أولى. {وَفِي الْآخِرَةِ:} معطوفان على ما قبلهما، وجملة: {يُثَبِّتُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وجملة:

{وَيُضِلُّ اللهُ..}. إلخ معطوفة عليها لا محل لها مثلها، وجملة: {وَيَفْعَلُ اللهُ..}. إلخ معطوفة أيضا. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يفعل الذي، أو شيئا يشاؤه، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: يفعل مشيئته. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ:} انظر مثله في الآية رقم [١٩] و [٢٤] {إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً} أي:

جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر بأن وضعوه مكانها، فإنهم لما كفروها؛ سلبت منهم، فصاروا تاركين لها، محصلين الكفر مكانها، كأهل مكة، خلقهم الله تعالى، وأسكنهم حرمه، وجعلهم قوام بيته، ووسع عليهم أبواب رزقه، وشرفهم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، فكفروا ذلك، فقحطوا سبع سنين، وأسروا، وقتلوا يوم بدر، وصيروا أذلاء، فصاروا مسلوبي النعمة، موصوفين بالكفر. وقال علي، وعمر-رضي الله عنهما-: نزلت في الأفجرين من قريش: بني مخزوم، وبني أمية، فأما بنو أمية؛ فمتعوا إلى حين، وأما بنو مخزوم؛ فأهلكوا يوم بدر. وقيل: هم متنصرة العرب جبلة بن الأيهم وأصحابه حين لطم الفزاري، فجعل عمر له القصاص بمثلها، فلم يرض، وأنف، فارتد متنصرا، ولحق بالروم في جماعة من قومه، ولما حضرته الوفاة ندم، فقال: [الطويل]

تنصّرت الأشراف من عار لطمة... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكنّفني منها لجاج ونخوة... وبعت لها العين الصّحيحة بالعور

فيا ليتني أرعى المخاض ببلدة... ولم أنكر القول الذي قاله عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>