وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، انظر الشرح، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لَنَرْجُمَنَّكُمْ:} فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، والفاعل مستتر، تقديره:«نحن»، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب القسم المقدر، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، على القاعدة:«إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهما». قال ابن مالك في ألفيته:[الرجز] واحذف لدى اجتماع شرط وقسم... جواب ما أخّرت فهو ملتزم
والكلام {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنّا عَذابٌ أَلِيمٌ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وإعرابها مثلها بلا فارق.
الشرح:{قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي: سبب شؤمكم معكم، وهو سوء عقيدتكم، وخبث أعمالكم، وعصيانكم لربكم. المعنى: أصابكم الشؤم من قبلكم. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: طائرهم: ما قضي لهم، وقدر عليهم من عند الله. هذا؛ وكانت العرب في الجاهلية أكثر الناس طيرة، وكان أحدهم إذا أراد سفرا؛ نفّر الطير صباحا، فإن طار يمنة؛ تيمن، وسار، وإن طار يسرة؛ أي: شمالا؛ رجع، وتشاءم، وإن طار يمنة؛ يسمونه: السانح. وإن طار يسرة؛ يسمونه البارح. والعرب تتيمن بالسانح، وتتشاءم بالبارح. قاله الجوهري. وقال غيره: للعرب في ذلك طريقان، فأهل نجد يتيمنون بالسانح دون البارح، وأهل الحجاز بالعكس. قال الشاعر:[الطويل] على عن يميني مرّت الطّير سنّحا... وكيف سنوح واليمين قطيع؟
وهذا هو الشاهد رقم (٢٦٦) من كتابنا فتح القريب المجيب، وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير، ويتمدح بتركه، قال شاعر منهم:[الطويل] وما عاجلات الطير تدني من الفتى... نجاحا ولا عن ريثهنّ قصور
وقال آخر، وأظنه: لبيد بن ربيعة العامري الصحابي، رضي الله عنه:[الطويل] لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى... ولا زاجرات الطير ما الله صانع؟
وقد أبطل الإسلام ذلك، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر». أخرجه البخاري. وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«الطّيرة شرك، الطّيرة شرك، الطّيرة شرك».