للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥)}

الشرح: {لِيُدْخِلَ..}. إلخ: هذا يستدعي محذوفا مقدرا، قدره الجلال: أمر بالجهاد؛ ليدخل. وقدره الخازن: هو الذي أنزل السكينة على قلوب المؤمنين؛ ليدخلهم. وقيل: تقديره:

إن من علمه، وحكمته أن سكّن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية، ووعدهم الفتح، والنصر؛ ليشكروه على نعمه، فيثيبهم، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار. وقد تقدم ما روي عن أنس-رضي الله عنه-أنه لما نزل قوله تعالى: {إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً..}. إلخ قال الصحابة -رضوان الله عليهم-: هنيئا مريئا لك يا رسول الله! قد بيّن الله لك ما يفعل بك، فما لنا؟ فأنزل الله عزّ وجل هذه الاية تطمينا لقلوبهم.

{خالِدِينَ فِيها:} في الجنات. {وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ:} يمحوها، ويغطيها، فلم يظهرها لهم لا عقابا، ولا عتابا. وتقديم الإدخال في الذكر على التكفير، مع أن الترتيب في الوجود على العكس للمسارعة إلى بيان ما هو المطلب الأعلى. {وَكانَ ذلِكَ} أي: الإدخال، والتكفير.

{عِنْدَ اللهِ} أي: في علمه الأزلي، وقضائه الأبدي.

هذا؛ و (كان) في القرآن الكريم تأتي على أوجه: تأتي بمعنى: الأزل، والأبد، وبمعنى:

المضي المنقطع، وهو الأصل في معناها، وبمعنى الحال، وبمعنى الاستقبال، وبمعنى: صار، وبمعنى: حضر، وحصل، ووجد. وترد للتأكيد، وهي الزائدة، وهي هنا بمعنى الاستمرار، فليست على بابها من المضي، وإن المعنى: كان، ولم يزل كائنا إلى يوم القيامة، وإلى أبد الابدين في الدنيا، والاخرة.

الإعراب: {لِيُدْخِلَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (الله)، و «أن» المضمرة والفعل في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف، انظر تقديره في الشرح. {الْمُؤْمِنِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ.

{وَالْمُؤْمِناتِ:} معطوف على ما قبله، منصوب مثله. {جَنّاتٍ:} مفعول به ثان منصوب مثل (المؤمنات)، وعلامة النصب فيهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالمان، وانظر:

{اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ} في الاية رقم [٧٠] من سورة (الزخرف). {تَجْرِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {مِنْ تَحْتِهَا:} متعلقان بما قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة. {الْأَنْهارُ:} فاعل: {تَجْرِي،} والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {جَنّاتٍ}.

{خالِدِينَ:} حال من: {الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ} منصوب، وعلامة نصبه الياء، وفاعله مستتر فيه.

{فِيها:} متعلقان ب‍: {خالِدِينَ}. (يكفر): معطوف على: (يدخل) منصوب مثله، والفاعل يعود إلى (الله). {عَنْهُمْ:} متعلقان بما قبلهما. {سَيِّئاتِهِمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه

<<  <  ج: ص:  >  >>