وهو من لوازم العقيدة الصحيحة، وهذا يدل على أنّ الإيمان يزيد، وينقص، كما ذكرت في الاية رقم [٢] من سورة (الأنفال)، انظرها تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{وَلِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:} لما قال الله عزّ وجل: {وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً} وكان المؤمنون في قلة من العدد والعدد؛ فكأنّ قائلا قال: كيف ينصره؟ فأخبر الله عزّ وجل أنّ له جنود السموات والأرض، وهو قادر على نصر رسوله صلّى الله عليه وسلّم ببعض جنوده، بل هو قادر على أن يهلك عدوه بصيحة، ورجفة، وصاعقة، ونحو ذلك، فلم يفعل، بل أنزل سكينة في قلوبكم أيها المؤمنون؛ ليكون نصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإهلاك أعدائه على أيديكم، فيكون لكم الثواب، ولهم العقاب. وفي جنود السموات، والأرض وجوه: الأول: أنهم ملائكة السموات، والأرض.
الثاني: أنّ جنود السموات: الملائكة، وجنود الأرض: الحيوانات. الثالث: أن جنود السموات: مثل الصاعقة، والصيحة، والحجارة. وجنود الأرض: مثل الزلازل، والخسف، والغرق، ونحو ذلك.
وفي الكشاف، وتبعه البيضاوي، والنسفي في قوله تعالى:{وَلِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} يدبر أمرها، فيسلّط بعضها على بعض تارة، ويوقع فيما بينهم السلم أخرى، كما تقتضيه حكمته، ولذا قال:{وَكانَ اللهُ عَلِيماً} بمصالح عباده. {حَكِيماً:} فيما قدر، ودبر.
الإعراب:{هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة لا محلّ لها، وجملة:{أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} صلة الموصول، لا محلّ لها. {فِي قُلُوبِ:} متعلقان بما قبلهما، و {قُلُوبِ:} مضاف. و {الْمُؤْمِنِينَ:} مضاف إليه مجرور... إلخ. {لِيَزْدادُوا:} مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:{أَنْزَلَ} أيضا. {إِيماناً:} مفعول به. وقيل: تمييز جملة. ولا بأس به. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صفة: {إِيماناً،} و {مَعَ} مضاف، و {إِيمانِهِمْ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة.
{جُنُودُ:} مبتدأ مؤخر، و {جُنُودُ} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {وَكانَ:} الواو: واو الحال. (كان): فعل ماض ناقص. {اللهُ:} اسمها. {عَلِيماً:} خبر أول. {حَكِيماً:} خبر ثان لكان، والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الواو، وإعادة اللفظ الكريم وإن كان الموضع موضع إضمار للتفخيم، والتعظيم.