للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا عند الكوفيين، وهو عند البصريين على حذف مضاف، التقدير: كراهية فهمهم له، فالمحذوف مفعول لأجله. {وَفِي آذانِهِمْ:} معطوفان على {قُلُوبِهِمْ}. {وَقْراً:} معطوف على {أَكِنَّةً} وإن قدرت: {جَعَلْنا} قبلهما، وضح لك ذلك، وجملة: {جَعَلْنا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنّا..}. إلخ بمنزلة التعليل لإعراضهم عن آيات ربهم، ونسيانهم ما قدمته أيديهم.

{وَإِنْ:} الواو: حرف استئناف. (إن): حرف شرط جازم. {تَدْعُهُمْ:} مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الواو، والضمة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {إِلَى الْهُدى:} متعلقان بما قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {فَلَنْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (لن): حرف نفي، ونصب، واستقبال. {يَهْتَدُوا:} مضارع منصوب ب‍: (لن) وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف لدلالة ما قبله عليه. {إِذاً:} حرف جواب، وجزاء مهمل، لا عمل له. {أَبَداً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، وجملة: {فَلَنْ يَهْتَدُوا..}.

إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، و (إن) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.

{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)}

الشرح: {وَرَبُّكَ:} الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم. {الْغَفُورُ:} البليغ المغفرة. {ذُو الرَّحْمَةِ:}

صاحب الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء، وهي تعمّ كل مخلوق في الدنيا، وتختصّ بالمؤمنين في الآخرة. وانظر الآية رقم [١٥٥] من سورة (الأعراف) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا} أي: من الكفر، والمعاصي، والسيئات. {لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ} أي: في الدنيا، ولكنه سبحانه يمهل، ولا يهمل. وانظر الآية رقم [٦١] من سورة (النحل). {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ} أي: أجل مقدر يؤخرون إليه، كقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ} فإذا حل الأجل لم يتأخر العذاب عنهم، و {مَوْعِدٌ} يحتمل اسم المكان، والزمان، والمصدر الميمي، ومثله: (موئل). وانظر ما ذكرته في الآية [٥٣]. {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ:} من دون الله.

{مَوْئِلاً:} ملجأ، ولا منجى، بل، ولا مهربا، يقال: وأل: إذا نجا، ووأل إليه إذا لجأ إليه.

هذا؛ والكلام في أهل مكة، وهو يشمل أهل الظلم، والطغيان، والمعاصي، والسيئات في كل زمان ومكان، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>