المعاصي، فالنسيان هنا بمعنى: الترك. وانظر الآية رقم [٢٤] هذا؛ ونسبت الأعمال كلها للأيدي وإن كانت من أعمال القلوب، والأرجل، والعيون والآذان تغليبا للأكثر على الأقل.
{إِنّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً:} انظر شرح هذا الكلام في الآية رقم [٤٥] و [٤٦] من سورة (الإسراء) ففيهما الكفاية. {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى} أي: إلى الإيمان، والمخاطب بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم. {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً:} وهذا في حق أقوام علم الله منهم: أنهم لا يؤمنون. وانظر الآية رقم [١٧] والمحال عليها من سورة (الرعد) برقم [٢٧] هذا؛ وفي أول الآية مراعاة لفظ (من)، وهو الإفراد، وفي آخرها مراعاة معنى (من)، وهو الجمع بالضمائر. تأمل، وفي الآية التفات من الغيبة إلى الحضور، انظر [٢٢](النحل).
هذا؛ و {يَداهُ} مثنى: يد، وهما كناية عما يعمله الإنسان من أعمال، وليست كل الأعمال من عملهما كما هو معروف. هذا؛ واليد تستعمل في الأصل لليد الجارحة، وتطلق، ويراد بها القوة، والقدرة، كما في قوله تعالى:{يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} كما تطلق على النعمة، والمعروف، يقال: لفلان عندي يد؛ أي: نعمة، ومعروف وإحسان، وتطلق على الحيلة، والتدبير، فيقال:
لا يد لي في هذا الأمر؛ أي: لا حيلة لي فيه، ولا تدبير.
الإعراب:{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {أَظْلَمُ:} خبره، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
{مِمَّنْ:} متعلقان ب: {أَظْلَمُ،} و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب:(من). {ذُكِّرَ:} ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى (من)، وهو العائد، أو الرابط. {بِآياتِ:} متعلقان بما قبلهما، و (آيات) مضاف، و {رَبِّهِ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية:{ذُكِّرَ..}. إلخ صلة (من)، أو صفتها، وجملة:{فَأَعْرَضَ عَنْها} معطوفة عليها.
{وَنَسِيَ:} ماض. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {قَدَّمَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له. {يَداهُ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير:
نسي الذي، أو شيئا قدمته يداه، وهذه الجملة معطوفة على جملة:{ذُكِّرَ..}. إلخ على الوجهين المعتبرين فيها. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها للتخفيف، وبقيت ألفها. {جَعَلْنا:} فعل، وفاعل. {عَلى قُلُوبِهِمْ:} معلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَكِنَّةً:} مفعول به، والمصدر المؤول من:{أَنْ يَفْقَهُوهُ} في محل جر بحرف جر محذوف، و «لا» مقدرة؛ إذ التقدير: لئلا يفقهوه، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {جَعَلْنا،}