للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الفعلية في محل نصب حال من: (نا)، والرابط: الواو، والضمير. وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلا محلّ لها، والكلام: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا..}.

إلخ، مستأنف، لا محلّ له.

{فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ (٤٠)}

الشرح: {فَاصْبِرْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {عَلى ما يَقُولُونَ} أي: ما يقوله اليهود، كما رأيت في الاية السابقة، وأيضا ما ينكره كفار قريش من إعادة الأجسام بعد فنائها. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ:}

انظر ما ذكرته في الاية رقم [٩] من سورة (الفتح). {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} صلاة الصبح. {وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} صلاة العصر. ورواه جرير بن عبد الله مرفوعا، قال: كنّا جلوسا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألاّ تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها» يعني: العصر، والفجر، ثم قرأ جرير: {وَسَبِّحْ..}. إلخ، متفق عليه، واللفظ لمسلم. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: (قبل الغروب): الظهر، والعصر. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} يعني: صلاة العشاءين. وقيل: المراد: تسبيحه بالقول تنزيها قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب. قاله عطاء الخراساني، وأبو الأحوص. وقال بعض العلماء في قوله تعالى: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ:} ركعتي الفجر، {وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} الركعتين قبل المغرب. وقال ثمامة بن عبد الله بن أنس: كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم يصلّون الركعتين قبل المغرب، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك-رضي الله عنه-، قال: كنّا بالمدينة، فإذا أذّن المؤذن لصلاة المغرب؛ ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب: أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما. وقال قتادة: ما أدركت أحدا يصلي الركعتين إلاّ أنسا، وأبا برزة الأسلمي. انتهى. قرطبي. أقول: وهاتان الركعتان سنة عند الشافعي-رضي الله عنه-وأنا أواظب عليهما من يوم طلبت العلم، والحمد لله!.

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ:} يعني صلاة المغرب، والعشاء. وقيل: صلاة الليل؛ أيّ وقت صلى.

{وَأَدْبارَ السُّجُودِ} وفي آخر سورة (الطور): {وَإِدْبارَ النُّجُومِ}. قال عمر، وعلي-رضي الله عنهما-: (أدبار السجود) الركعتان بعد المغرب، و (أدبار النجوم) الركعتان قبل صلاة الفجر، وهي رواية عن ابن عباس-رضي الله عنهما-. وعن عائشة-رضي الله عنهما-: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها». رواه مسلم، وعن ابن مسعود-رضي الله عنه- قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في الركعتين بعد المغرب، والركعتين قبل صلاة الفجر ب‍: {قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ،} و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}. أخرجه الترمذي. وأخرج البخاري عن

<<  <  ج: ص:  >  >>