للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي: لعل من بقي منهم يتوبون من الكفر، ويرجعون عن غيهم، وضلالهم، وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [٣].

الإعراب: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله.

والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. اللام: واقعة في جواب القسم.

(نذيقنهم): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل له، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل مستتر فيه وجوبا، تقديره: «نحن». {مِنَ الْعَذابِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْأَدْنى:} صفة {الْعَذابِ} مجرورة مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {دُونَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بمحذوف حال من {الْأَدْنى،} و {دُونَ} مضاف، و {الْعَذابِ} مضاف إليه. {الْأَكْبَرِ:}

صفة العذاب، وجملة: (لنذيقنهم...) إلخ جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه، وجملة: {يَرْجِعُونَ} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} فيها معنى التعليل لإذاقتهم العذاب.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)}

الشرح: {وَمَنْ أَظْلَمُ..}. إلخ: قال الجمل: هذا بيان إجمالي لحال من قابل آيات الله تعالى بالإعراض بعد بيان حال من قابلها بالسجود، والتسبيح، وكلمة {ثُمَّ} لاستبعاد الإعراض عنها عقلا مع غاية وضوحها، وإرشادها إلى سعادة الدارين. انتهى. نقلا من أبي السعود.

{وَمَنْ أَظْلَمُ} أي: لا أحد أظلم. {مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ} أي: بآيات القرآن. وقيل: ذكر بدلائل وحدانيته، وإنعامه عليه، فلم يتفكر فيها، ولم ينتفع بما فيها. {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها:} مستكبرا كأن في أذنيه وقرا، وثم لاستبعاد الإعراض عن مثل هذه الآيات في وضوحها، وإنارتها، وإرشادها إلى سواء السبيل، والفوز بالسعادة العظمى، بعد التذكير بها مستبعد في العقل، كما تقول لصاحبك: وجدت منك تلك الفرصة، ثم لم تنتهزها! استبعادا لتركه الانتهاز، ومثله: «ثم» في بيت الحماسة وهو لجعفر بن علبة الحارثي. [الطويل] ولا يكشف الغمّاء إلاّ ابن حرّة... يرى غمرات الموت ثمّ يزورها

فإنه استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها، أي:

لا يكشف الخصلة الشديدة إلا رجل كريم يرى غمرات الموت، ثم يتوسطها ولا يعدل عنها، وإنما قال: ابن حرة؛ ليثير حميته، وشجاعته، وإقدامه. {إِنّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ:} لم يقل:

منه؛ لأنه إذا جعله أعظم من كل ظالم، ثم وعد المجرمين عامة بالانتقام منهم، فقد دل على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام، ولو قال بالضمير لم يفد هذه الفائدة. انتهى. نسفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>