للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلم المحذوفة مفعول به، و {أَنْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: من رجمكم، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: {عُذْتُ}.

{وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)}

الشرح: المعنى إن لم تصدقوني، ولم تؤمنوا بالله لأجل برهاني، ودليلي؛ فابتعدوا عني، ودعوني كفافا، لا لي، ولا عليّ، وكفّوا عن أذاي، وخلّوا سبيلي. فلمّا طال مقامه بين أظهرهم، وأقام حجج الله عليهم، كل ذلك، وما زادهم إلاّ كفرا، وعنادا، وطغيانا، واستكبارا؛ دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم، كما قال تبارك وتعالى: {وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ} رقم [٨٨ و ٨٩] من سورة (يونس) على نبينا وحبيبنا، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ألف صلاة، وألف سلام.

فائدة:

قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-في مثل هذا التركيب: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي:} دخلت (إن) على: {لَمْ} ليرتدّ الفعل إلى أصله في لفظه، وهو الاستقبال؛ لأنّ {لَمْ} ترد الفعل المستقبل إلى معنى المضي، و (إن) ترد الماضي إلى معنى الاستقبال، فلما صارت {لَمْ} ولفظ المستقبل بعدها بمعنى: الماضي ردتها (إن) إلى الاستقبال؛ لأنّ (إن) ترد الماضي إلى معنى الاستقبال.

الإعراب: {وَإِنْ:} الواو: حرف عطف. (إن): حرف شرط جازم. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {تُؤْمِنُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ،} وهو في محل جزم فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {لِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فَاعْتَزِلُونِ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (اعتزلون): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنّها لم تحل محل المفرد، و (إن) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، أو مستأنف لا محلّ له.

{فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢)}

الشرح: {فَدَعا رَبَّهُ} أي: بعد أن كذّبوه دعا الله تعالى، وشكا إليه طغيانهم، وعنادهم، وتكبرهم. {أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ:} هذا تعريض بالدعاء، فكأنه قال: هؤلاء قوم مجرمون، فافعل بهم ما يليق بهم من العذاب، والانتقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>