للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل {كانَ} لأنّ {عاقِبَةُ} مؤنث مجازي، وما كان منه يستوي فيه التذكير، والتأنيث. أو لأن {عاقِبَةُ} اكتسب التذكير من المضاف إليه.

الإعراب: {فَانْتَقَمْنا:} الفاء: حرف عطف. (انتقمنا): فعل، وفاعل. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {فَانْظُرْ:} الفاء:

حرف عطف على رأي: من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنّها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان الانتقام حاصلا منهم؛ فانظر.

(انظر): أمر، وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنت»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام.

{كَيْفَ كانَ:} أجاز ابن هشام في المغني في: {كانَ} ثلاثة أوجه: نقصانها وتمامها وزيادتها، وقال: إلاّ أن الناقصة لا تكون شأنية لأجل الاستفهام، ولتقدم الخبر، و (كيف) حال على التمام، وخبر ل‍: {كانَ} على النقصان، وللمبتدأ على الزيادة. و {عاقِبَةُ} مضاف، و {الْمُكَذِّبِينَ} مضاف إليه، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب سدّت مسدّ مفعول (انظر)، وجملة: (انظر...) إلخ لا محلّ لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء.

{وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ (٢٦)}

الشرح: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ:} ما أحراك أن تنظر قصته مع أبيه، وقومه في سورة (الأنبياء) وفي سورة (الأنعام) وفي سورة (الشعراء) وغير ذلك. {إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ:} بريء من عبادتكم، أو من معبودكم، فهو مصدر يستعمل للواحد فما فوقه، فلا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث، ولا يقال: البراآن، والبراؤون؛ لأنّ المعنى ذو البراء، وذوو البراء. قال الجوهري: وتبرأت من كذا، وأنا منه براء، وخلاء منه، لا يثنى، ولا يجمع؛ لأنّه مصدر في الأصل، مثل: سمع سماعا.

انتهى. قرطبي. هذا؛ وقرئ: «(برئ)» و «(براء)» ككريم، وكرام. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الممتحنة) حكاية عن قول إبراهيم-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} وقال الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته رقم [٤٧]: [الخفيف]

أم جنايا بني عتيق فمن يغ‍... در فإنّا من حربهم براء

والمعنى: واذكر يا محمد لقومك؛ إذ قال إبراهيم؛ الذي هو أعظم آبائهم ومحطّ فخرهم، والجمع على محبّته، وحقية دينه منهم، ومن غيرهم، قال لأبيه؛ أي: من غير أن يقلده، كما قلدتم أنتم آباءكم، وقومه الذين كانوا هم القوم بالحقيقة لاحتوائهم على ملك جميع الأرض، قال: {إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ،} فتبرأ مما هم عليه، وتمسك بالبرهان، ليسلكوا مسلكه في الاستدلال. انتهى. جمل. وبينه وبين ما تقدم من المقارنة بين الهدى، والضلال، وبين منطق العقل السديد، ومنطق الهوى والتقليد ما لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>