للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القرآن الكريم عن العجلة، واستعجال الشيء قبل أوانه، وهذا النهي أكثر ما يوجه للكافرين، الذين طلبوا استعجال العذاب، وقد يوجه إلى بني آدم جميعا، وقد توجه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} رقم [١١٤] من سورة (طه) بينما حث الله على المسارعة إلى فعل الطاعات، فقال في (آل عمران): {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ..}. إلخ رقم [١٣٣]، وقال في سورة (الحديد): {سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ..}. إلخ رقم [٢١] كما وصف أنبياءه، ورسله بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وهذا لا يناقض ما روي:

«العجلة من الشّيطان، والتّأنّي من الرّحمن». لأن المسارعة إلى الطاعات مستثناة من ذلك، كما أن هنالك أمورا تسن المبادرة إلى فعلها، كأداء الصلاة المكتوبة إذا دخل وقتها، وقضاء الدين بحق الموسر، وتزويج البكر البالغ إذا أتى الكفؤ لها، ودفن الميت، وإكرام الضيف إذا نزل. وخذ ما يلي: فعن علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له: «يا عليّ! ثلاث لا تؤخّرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيّم إذا وجدت كفؤا». رواه الترمذي.

الإعراب: {فَتَوَلَّ:} الفاء: حرف استئناف، أو هي الفصيحة، (تول): فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، تقديره:

«أنت»، والجملة الفعلية لا محل لها، سواء أكانت مستأنفة، أو جوابا لشرط مقدر ب‍: «إذا».

{عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {حَتّى حِينٍ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير المجرور ب‍: (عن) و {حَتّى} بمعنى:

«إلى» هنا. {وَأَبْصِرْهُمْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فَسَوْفَ:} الفاء: حرف تعليل. (سوف): حرف تسويف، واستقبال. {يُبْصِرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها تعليل للأمر قبلها. {أَفَبِعَذابِنا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري.

الفاء: حرف استئناف. (بعذابنا): جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، ومفعوله محذوف. {يَسْتَعْجِلُونَ:} فعل مضارع وفاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها مع ما يقدر قبلها.

{فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩)}

الشرح: {فَإِذا نَزَلَ} أي: العذاب. {بِساحَتِهِمْ} أي: بدارهم. والساحة: الفناء الخالي من الأبنية، وجمعها: سوح، فألفها منقلبة عن واو فتصغر على سويحة. قال أبو ذؤيب الهذلي، وهو الشاهد رقم [٩٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>