للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما إذا أراد الله التنفيذ، فتكون مشيئة الله التبديل محققة، فكان المقام ل‍: (إذا)، وبالجملة فاستعمال (إذا) موضع (إن)، وبالعكس هو من التفنن في الكلام، والتقارض في الألفاظ. ولله في كتابه أسرار وأسرار غابت عن كثير من الناس، ولا سيما الملحدون، والفجار.

الإعراب: {نَحْنُ:} ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. {خَلَقْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها، وإعرابها واضح، إن شاء الله تعالى، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَإِذا:} الواو: حرف عطف. (إذا): انظر الآية رقم [١٩]. {شِئْنا:} فعل، وفاعل، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح. {بَدَّلْنا:} فعل، وفاعل. {أَمْثَلُهُمْ:} مفعول به أول، والهاء في محل جر بالإضافة، والمفعول الثاني محذوف، التقدير: بدلنا أمثالهم بدلا منهم، {تَبْدِيلاً:} مفعول مطلق، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، أو هو مستأنف، لا محل له على الاعتبارين.

{إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اِتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩)}

الشرح: {إِنَّ هذِهِ} أي: السورة، وما ذكر فيها. {تَذْكِرَةٌ:} عظة للخلق؛ لأن في تصفحها تنبيهات للغافلين، وفي تدبرها، وتفهمها فوائد جمة للطالبين السالكين ممن ألقى سمعه، وأحضر قلبه، وكانت نفسه مقبلة على ما ألقى سمعه إليه، وما وعاه قلبه. انتهى جمل نقلا عن الخطيب بتصرف. {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ..}. إلخ أي: اتخذ لنفسه في الدنيا طريقا موصلا إلى طاعة الله، وطلب مرضاته، وذلك بالإقبال عليها، والتقرب إليه، وهذه الآية مما يتمسك بها القدرية، يقولون:

اتخاذ السبيل هو عبارة عن التقرب إلى الله تعالى، وهو إلى اختيار العبد، ومشيئته. قال أهل السنة: ويرد عليهم الآية التالية، وما أحسن ما نقله الجمل عن الخطيب في هذا الصدد حيث قال بعد قوله: {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ..}. إلخ أي: لأنّا بينا الأمور غاية البيان، وكشفنا اللبس، وأزلنا جميع موانع الفهم، فلم يبق مانع من استطراق الطريق غير مشيئة العبد. انتهى. هذا؛ والآية مذكورة بحروفها في سورة (المزمل) برقم [١٩] انظرها؛ ففيها فائدة، وانظر الإعراب هناك؛ فإنه واف كاف، ولا حاجة إلى المزيد عليه.

{وَما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠)}

الشرح: {وَما تَشاؤُنَ} أي: الطاعة والاستقامة على الطريق السوي، واتخاذ السبيل المستقيم إلى الله. {إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ} أي: إلا بمشيئة الله تعالى؛ لأن الأمر إليه، ومشيئة الله مستلزمة لفعل العبد، فجميع ما يصدر عن العبد بمشيئة الله جل جلاله، وتعالى شأنه. {إِنَّ اللهَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>