الشرح:{وَبَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً} أي: برز الكفار من قبورهم يوم القيامة للحساب والجزاء، والبروز: الظهور، ومعنى {لِلّهِ} أي: لأجل أمر الله إياهم بالبروز، وهذا يكون بعد النفخة الثانية، كما قال تعالى:{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ}. فقال الضعفاء: أي: الأتباع.
{لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} أي: عن الإيمان في الدنيا، وهم القادة، والرؤساء. {إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً} أي: تابعين لكم في تكذيب الرسل، وتبع يجوز أن يكون مصدرا، على حذف مضاف؛ أي:
ذوي تبع، ويجوز أن يكون جمع تابع، مثل راصد، ورصد، وباقر، وبقر، وخادم، وخدم.
{فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا:} دافعون عنا، يقال: أغنى عنه: إذا دفع عنه الأذى. وأغناه: إذا، أوصل إليه النفع. {مِنْ عَذابِ اللهِ} أي: الذي سيحل بنا بسبب كفرنا، وضلالنا.
{لَهَدَيْناكُمْ} أي: ولكن ضللنا سواء السبيل، فأضللناكم، وقيل: المعنى: لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه. {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} أي: مستو علينا الصبر والجزع، والجزع أبلغ من الحزن؛ لأنه يصرف الإنسان عما هو بصدده، ويقطعه، والجزع عدم الصبر، أما الحزن فقد يكون معه الصبر؛ لذا كان الحزن مباحا، والجزع محرما مذموما. {ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ} أي:
من مهرب وملجأ، ولا منجى مما نحن فيه. هذا؛ ويجوز أن يكون مصدرا كالمغيب، والمشيب، وأن يكون اسم مكان كالمبيت والمصيف. هذا؛ وانظر شرح:{سَواءٌ} في الآية رقم [١٠] من سورة (الرعد).
تنبيه: قال محمد بن كعب القرظي-رضي الله عنه-: بلغني: أن أهل النار يستغيثون بالخزنة، كما قال الله تعالى:{وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} فردت عليهم الخزنة: {قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى} فردت الخزنة: {فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ} أي: في ضياع، فلما يئسوا مما عند الخزنة {وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ} سألوا الموت، فلا يجيبهم ثمانين سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون، ثم يجيبهم بقوله:{إِنَّكُمْ ماكِثُونَ} فلما يئسوا مما عنده، قال بعضهم لبعض: تعالوا فلنصبر كما صبر أهل الطاعة لعل ذلك ينفعنا، فصبروا، وطال صبرهم، فلم ينفعهم، وجزعوا، فلم ينفعهم، فعند ذلك قالوا:{سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا..}.