الشرح:{لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ:} ليحضروا منافع لهم دينية، ودنيوية على تفاوتها، واختلاف أنواعها. {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ:} قيل: المراد: أيام عشر ذي الحجة، وأعتمد: أنها يوم عيد الأضحى، وأيام التشريق بعده، وهي ثلاثة أيام، وهي المرادة بقوله تعالى:{وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ} الآية رقم [٢٠٣] من سورة (البقرة). {عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ:} المراد بها: الضحايا، والهدايا تكون من النّعم، وهي: الإبل، والبقر، والغنم. وانظر رقم [٣٤]. وهذا يقوي: أن الأيام المعلومات هي: يوم النحر، وأيام التشريق؛ لأن التسمية على بهيمة الأنعام تكون عند نحرها، ونحر الهدايا يكون في هذه الأيام، وانظر شرح {الْأَنْعامِ} في الآية رقم [٢١] من سورة (المؤمنون).
{فَكُلُوا مِنْها:} هذا الأمر للإباحة، وليس بواجب، وذلك؛ لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئا، فأمر الله بمخالفتهم. واتفق العلماء على أن الهدي إذا كان تطوعا، يجوز للمهدي أن يأكل منه، وكذلك أضحية التطوع؛ لما روى جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-في قصة حجة الوداع: قال: وقدم علي رضي الله عنه ببدن من اليمن، وساق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مئة بدنة، فنحر منها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثا وستين بدنة، ونحر علي رضي الله عنه ما بقي منها، وأشركه في بدنه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، وطبخت، فأكل من لحمها، وشرب من مرقها. أخرجه مسلم.
واختلف العلماء في الهدي الواجب بالشرع، مثل دم التمتع والقران، والدم الواجب بإفساد الحج، وفوته، وجزاء الصيد، هل يجوز للمهدي أن يأكل منها شيئا. فقال الشافعي رضي الله عنه: لا يأكل منها شيئا، وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر. وقال ابن عمر-رضي الله عنهما-:
لا يأكل من جزاء الصيد، والنذر، ويأكل مما سوى ذلك. وبه قال أحمد، وإسحاق، وقال مالك -رضي الله عنه-: يأكل من هدي التمتع، ومن كل هدي وجب عليه إلا من فدية الأذى، وجزاء الصيد المنذور. وقال أصحاب الرأي: إنه يأكل من دم التمتع، والقرآن، ولا يأكل من واجب سواهما. انتهى. خازن.
{وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ:} الذي أصابه بؤس شديد. {الْفَقِيرَ:} المحتاج، والأمر فيه للوجوب، وأصل «فقير» في اللغة: الذي انكسر فقار ظهره، ثم يطلق على المعدم الذي لا يجد حاجته من