للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {أَأَنْتَ:} الهمزة: حرف استفهام.

(أنت): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {فَعَلْتَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {بِآلِهَتِنا:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (نا): في محل جر بالإضافة. (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو. (إبراهيم): مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ب‍: (يا)، والجملة الاسمية، والندائية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة:

{قالُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. تأمل، وتدبر.

{قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣)}

الشرح: {قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا} أي: غضب؛ إذ تعبدون معه هذه الصغار، وهو أكبر منها، فكسرهن، وأراد إبراهيم عليه السّلام إقامة الحجة عليهم، وتقريره الفعل لنفسه، وإثباته لها على أسلوب تعريضي تبكيتا لهم، وتقريعا؛ لأنهم إذا نظروا النظر الصحيح؛ علموا عجز كبيرهم، وأنه لا يصلح إلها، وهذا كما قال لك صاحبك، وقد كتبت كتابا بخط رشيق أنيق:

أنت كتبت هذا، وصاحبك أمي، فقلت له: بل كتبته أنت! كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به، لا نفيه عنك، وإثباته للأمي؛ لأنه إثباته للعاجز منكما، والأمر كائن بينكما استهزاء به، وإثبات للقادر. {فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} أي: حتى يخبروا من فعل ذلك بهم، والمعنى: إن قدروا على النطق؛ قدروا على الفعل، وإذا كانوا عاجزين عن الأمرين:

النطق، والفعل؛ فكيف يستحقون العبادة؟! ومضمونه: تحقيرهم، وتحقير آلهتهم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لم يكذب إبراهيم النبيّ قطّ إلا ثلاث كذبات: ثنتين منهنّ في ذات الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ،} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ،} وواحدة في شأن سارة». رواه مسلم، وغيره. هذا؛ والواحدة في شأن سارة هي قوله للجبار في مصر حين سأله عنها فقال له: هذه أختي. هذا؛ وقد سماها النبي صلّى الله عليه وسلّم كذبات، ومعناه: أنه لم يتكلم بكلام صورته صورة الكذب، وإن كان حقا في الباطن إلا هذه الكلمات، ولما كان مفهوم ظاهرها خلاف باطنها أشفق إبراهيم-على حبيبنا، وشفيعنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام- منها بمؤاخذته بها؛ لذا يعتذر عليه الصلاة والسّلام عن الشفاعة في الموقف العظيم، ويقول:

«وإنّي كنت كذبت ثلاث كذبات» انظر حديث الشفاعة الطويل في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، وقد خرجه البخاري، ومسلم.

قال أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: في هذا الحديث نكتة عظمى تقصم الظهر، وهي:

أنه-عليه السّلام-قال: «لم يكذب إبراهيم إلا في ثلاث كذبات» ثنتين ما حل بهما عن دين الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>