قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا علي أشقى الأولين عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتلك». هذا؛ والعقر في الأصل: قطع عرقوب البعير، ثم جعل النحر عقرا؛ لأن ناحر البعير يعقره، ثم ينحره، وباب (عقر) ضرب، {وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ:} تكبروا عن أمر ربهم، وهو ما أمروا به على لسان صالح من قوله: {فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ}. هذا؛ والعتو: الغلو في الباطل، والتكبر عن الحق. هذا؛ وانظر إعلال مثل: (عتوا) في الآية رقم [٢٥]. {رَبِّهِمْ:} انظر الآية رقم [٣].
{وَقالُوا:} انظر الآية رقم [٥]. {اِئْتِنا:} انظر (أتى) في الآية رقم [٣٤]. {تَعِدُنا:} انظر إعلال: {تَجِدُ} في الآية رقم [١٧] فهو مثله. {كُنْتَ:} انظر إعلال: {قُلْنا} في الآية رقم [١٠] فهو مثله. وقولهم: {يا صالِحُ ائْتِنا..}. إلخ تهكم؛ لأنهم كانوا مكذبين في كل ما هددهم وتوعدهم به من العذاب. وانظر مثل إعلال: {اِئْتِنا} في الآية رقم [٥٠] من سورة (التوبة).
الإعراب: {فَعَقَرُوا:} الفاء: حرف استئناف. (عقروا): فعل، وفاعل، والألف للتفريق.
{النّاقَةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. (عتوا): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة التي هي فاعل. {عَنْ أَمْرِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، و {أَمْرِ:} مضاف، و {رَبِّهِمْ:} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {وَعَتَوْا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو. (صالح): منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ب: (يا) {اِئْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٦٩] وكله مع الجملة الندائية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَقالُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا.
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨)}
الشرح: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ:} قال الفراء، والزجاج: الرجفة: الزلزلة الشديدة العظيمة.
وقال مجاهد والسدي: هي الصيحة. فيحتمل: أنهم أخذتهم الزلزلة من تحتهم، والصيحة من فوقهم؛ حتى هلكوا. انتهى خازن. {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: أصبحوا في أرضهم، وبلدهم ميتين على وجوههم خامدين. هذا؛ والجثوم للناس، والطير بمنزلة البروك للبعير.
هذا؛ و «الدار» مؤنثة، وقد تذكر، وهي منزل الإنسان، ومسكنه، أصلها: دور بفتحتين قلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها. وجمعها: ديار، ودور، وادؤر، وأدور، وأدورة وأدوار، ودورات، وديارات، ودوران، وديران. وأصل ديار: دوار، قلبت الواو ياء؛ لأنها وقعت عينا في جمع على وزن «فعال» لمفرد اعتلت عينه بالقلب. هذا؛ والدار أيضا: البلد، والقبيلة. ودار القرار: الآخرة، والداران: الدنيا والآخرة. ودار الحرب: بلاد العدو.
هذا؛ وقد قال أبو حاتم: إنّ الديار العساكر، والخيام، لا البنيان، والعمران، وإن الدار البنيان، والعمران، وعليه قوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في عساكرهم،