للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخيامهم ميتين، وقال جل شأنه: {فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ} أي: في مدينتهم المعمورة، ولو أراد غير ما قيل لجمع الدار، فعلم من كلامه: أن الديار مخصوصة بالخيام. انتهى.

قال صاحب خزانة الأدب: وهذه غفلة عن قول الشاعر-وهو مجنون ليلى-: (أقبّل ذا الجدار) وهو حائط البيت، وذلك في قوله: [الوافر]

أمرّ على الديار ديار ليلى... أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبّ الديار شغفن قلبي... ولكن حبّ من سكن الدّيارا

وهذان البيتان هما الشاهد رقم (٩٠٣) من كتابنا: «فتح القريب المجيب».

تنبيه: بالإضافة لما ذكرته عن النسفي في الآية رقم [٧٣] أذكر أيضا: أن الناقة ولدت ولدا مثلها، ومكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر، وترد الماء غبّا، فما ترفع رأسها من البئر حتى تشرب كل ماء فيها، ثم تتفحج، فيحلبون ما شاءوا حتى تمتلئ أوانيهم، فيشربون، ويدخرون، وكانت تصيف بظهر الوادي، فتهرب منها أنعامهم إلى بطنه، وتشتو ببطنه، فتهرب مواشيهم إلى ظهره، فشقّ ذلك عليهم، وزينت عقرها لهم عنيزة أم غنم، وصدقة بنت المختار، فعقروها واقتسموا لحمها. فرقى ولدها جبلا اسمه: قارة، فرغا ثلاثا، فقال لهم صالح: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه؛ إذ انفرجت الصخرة بعد رغائه، فدخلها، فقال لهم صالح-عليه الصلاة والسّلام-: تصبح وجوهكم غدا مصفرة، وبعد غد محمرة، واليوم الثالث مسودة، ثم يصبحكم العذاب. فلما رأوا العلامات؛ طلبوا أن يقتلوه، فأنجاه الله، إلى أرض فلسطين، ولما كانت ضحوة اليوم الرابع، تحنطوا، وتكفنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء، فتقطعت قلوبهم فهلكوا. انتهى بيضاوي بحروفه.

وفي الخازن-عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال: لما مر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحجر، قال:

«لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين، ثم قنّع رأسه، وأسرع السير حتّى جاوز الوادي». متفق عليه.

وعنه أيضا: أن الناس نزلوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الحجر أرض ثمود، فاستقوا من آبارها، وعجنوا به العجين، فأمرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يهريقوه، ويعلفوا الإبل بالعجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة. رواه الشيخان.

وكانت الفرقة المؤمنة من قوم صالح أربعة آلاف، خرج بهم صالح-عليه الصلاة والسّلام- بعد هلاك قومه من فلسطين، إلى حضر موت، فلما دخلوها؛ مات صالح، فسمي: حضر موت، ثم بنوا فيها أربعة آلاف مدينة، وسموها: حاضوراء. وقال قوم من أهل العلم توفي صالح بمكة، وهو ابن عثمان وخمسين سنة، وأقام في قومه عشرين سنة. انتهى خازن بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>