للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى مسألتين يمتنع فيهما البدلية، ويتعين فيهما عطف البيان، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى- في ألفيته: [الرجز] وصالحا لبدليّة يرى... في غير نحو يا غلام يعمرا

ونحو بشر تابع البكريّ... وليس أن يبدل بالمرضيّ

{آمَنُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {أَرْضِي:}

اسم {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه مثل (عبادي). {واسِعَةٌ:} خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية لا محل لها مثل الجملة الندائية قبلها. {فَإِيّايَ:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدّر؛ إذ التقدير: إن لم تتمكنوا من العبادة في أرض؛ فإياي اعبدون في غير تلك الأرض. فإذا الضمير في محل نصب مفعول به مقدم للفعل المقدر، كما ترى. {فَإِيّايَ:} الفاء: حرف عطف.

(اعبدون): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، والكسرة تحتها دليل على ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والتي هي مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة المقدرة قبلها، ومؤكدة لها. وقيل: مفسرة، ولا وجه له. والجملة الشرطية التي رأيت تقديرها، لا محل لها مثل الجملتين قبلها. هذا؛ ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٤٠]:

{وَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} ورقم [٤١]: {وَإِيّايَ فَاتَّقُونِ}.

{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧)}

الشرح: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ:} فيه وعد للمصدق، ووعيد للكاذب، والمعنى: لا يحزنك تكذيبهم إياك فمرجع الخلق إليّ، فأجازيهم على التكذيب، وأجازيك على الصبر. وهذا التعميم مخصوص بقوله تعالى: {تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ} فإن الله تعالى حي لا يموت، ولا يجوز عليه الموت، وانظر الآية رقم [٨٧] من سورة (النمل) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، وانظر (الذوق) في الآية رقم [٥٥]. والموت: هو انتهاء الحياة بخمود حرارة البدن، وبطلان حركته، وموت القلب قسوته، فلا يتأثر بالمواعظ، ولا ينتفع بالنصائح. هذا ويكثر ذكر الموت في القرآن الكريم، والمراد منه تحقير أمر الدنيا، والزهد فيها، والاستعداد للآخرة التي لا بد منها وخذ قول بعضهم: [البسيط] الموت في كلّ حين ينشد الكفنا... ونحن في غفلة عمّا يراد بنا

لا تركننّ إلى الدّنيا وزهرتها... وإن توشّحت من أثوابها الحسنا

أين الأحبّة والجيران ما فعلوا؟ ... أين الّذين همو كانوا لها سكنا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>