للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرحم عباده الضعفاء. هذا؛ وفي الآيات المتقدمة مراعاة الفواصل، وهي من خصائص القرآن الكريم؛ التي تعطي الكلام روعة في القلوب، وحلاوة للسان، ولذة في الأسماع.

الإعراب: {رَبُّ:} بدل من لفظ الجلالة، أو هو صفة له، أو هو خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هو رب، أو هو مبتدأ خبره {الْعَزِيزُ،} قاله أبو البقاء، ويجوز في مثله النصب بفعل محذوف على القطع، التقدير: أعني. و {رَبُّ} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على ما قبله. {بَيْنَهُمَا:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية.

{الْعَزِيزُ:} يجوز فيه ما جاز ب‍: {رَبُّ،} ومثله: {الْغَفّارُ}.

{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)}

الشرح: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} أي: قل يا محمد لقومك: إن ما أنذركم به من الحساب، والثواب، والعقاب، والجنة، والنار خبر عظيم القدر، فلا ينبغي أن يستخف به، ولا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ:} غافلون لا تتفكرون فيه فتعلمون صدقي في نبوتي، وأن ما جئت به لم أعلمه إلا بوحي من الله تعالى. هذا؛ وقال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني: القرآن الذي أنبئكم به خبر جليل. وقيل: عظيم المنفعة.

{ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ:} الملأ الأعلى: هم الملائكة في قول ابن عباس، والسدي، اختصموا في أمر آدم حين خلقه الله تعالى، ف‍: {قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ} آية رقم [٣٠] من سورة (البقرة) وقال: إبليس: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} وفي هذا بيان: أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم أخبر عن قصة آدم، وغيره، وذلك لا يتصور إلا بتأييد إلهي، فقد قامت المعجزة على صدقه، فما بالهم أعرضوا عن تدبر القرآن ليعرفوا صدقه؟

{إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي: ما يوحى إلي من ربي إلا أني رسول أنذر الناس وأخوفهم عقاب الله، وغضبه إن عصوه، وأبشرهم برحمته، ورضوانه إن أطاعوه. أو المعنى:

إنما علمت هذه المخاصمة بوحي الله إليّ، وإنما أنا نذير لكم أبين لكم ما ينبغي أن تأتوا به، وما ينبغي أن تجتنبوه. وخذ ما يلي:

فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتاني الليلة آت من ربي رؤيا صادقة كفلق الصبح (وفي رواية: ربّي في أحسن صورة) فقال لي: يا محمد، قلت: لبّيك

<<  <  ج: ص:  >  >>