للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا محلّ له. {وَيَمْحُ:} الواو: حرف استئناف. (يمحو): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو. {اللهِ:} فاعله. {الْباطِلَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. {وَيُحِقُّ:} الواو: حرف عطف. (يحق): مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهِ}.

{الْحَقَّ:} مفعول به. {بِكَلِماتِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {عَلِيمٌ:} خبره. {بِذاتِ:} متعلقان ب‍: {عَلِيمٌ،} و (ذات): مضاف، و {الصُّدُورِ:}

مضاف إليه، والجملة الاسمية تعليل لما قبلها، لا محلّ لها أيضا.

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥)}

الشرح: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد:

أولياءه، وأهل طاعته. قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين الله تعالى وبين العبد، لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية، والثاني: أن يندم على فعلها. والثالث: أن يعزم على أن لا يعود إليها أبدا. فإذا حصلت هذه الشروط؛ صحّت التوبة، وإن فقد أحد الثلاثة؛ لم تصحّ توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي؛ فشروطها أربعة، هذه الثلاثة، والشرط الرابع: أن يبرأ من حق صاحبها. فهذه شروط التوبة، وهذه هي التوبة النصوح التي ذكرها الله في سورة (التحريم). وقيل: التوبة الانتقال عن المعاصي نية، وفعلا، والإقبال على الطاعات نية، وفعلا. وقال سهل بن عبد الله التستري: التوبة:

الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة.

وقد رغّب الرسول صلّى الله عليه وسلّم في التوبة، وذكر تعليما لأمته، وتشجيعا لهم وترغيبا في التوبة: أنّه يتوب، ويستغفر في اليوم مئة مرة، وخذ ما يلي: عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-، قال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض دويّة مهلكة، معه راحلته، عليها طعامه، وشرابه، فوضع رأسه، فنام نومة، فاستيقظ، وقد ذهبت راحلته، فطلبها؛ حتى إذا اشتد عليه الحر، والعطش، أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام؛ حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ، فإذا راحلته عنده، عليها طعامه، وشرابه. فالله أشدّ فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده!». متفق عليه. انتهى.

خازن.

هذا؛ و {عَنْ} بمعنى: «من» وقال البيضاوي: والقبول يعدى إلى مفعول ثان ب‍: «من»، أو «عن» لتضمنه معنى الأخذ، والإبانة، وقد عرفت حقيقة التوبة، فلتضمنه معنى الأخذ يعدّى بمن، يقال: قبلته منه؛ أي: أخذته، ولتضمنه معنى الإبانة والتفريق يعدّى بعن، يقال: قبلته عنه؛ أي:

أزلته، وأبنته عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>