للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رده ابن هشام في «المغني» ولكن إذا رجعت إلى الشرح تؤيد الأخفش فيما ذهب إليه في هذه الآية. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل بعدهما، و {كُلِّ:} مضاف، و {حَدَبٍ:} مضاف إليه.

{يَنْسِلُونَ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من {يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ،} والرابط: الواو، والضمير، أو هي مستأنفة، لا محل لها من الإعراب. تأمل.

{وَاِقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنّا ظالِمِينَ (٩٧)}

الشرح: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} أي: القيامة، وذلك بفتح سد يأجوج ومأجوج. قال حذيفة-رضي الله عنه-: لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج، ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة. وهذا ينفي ما ذكره الجمل من أن سد يأجوج ومأجوج إنما يفتح بعد نزول عيسى -عليه السّلام-إلى الأرض، ثم يهلكون بدعائه عليهم، فتملأ رممهم، وجيفهم الأرض، فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت، فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله تعالى، ثم يرسل الله مطرا، فيغسل الأرض من آثارهم، ثم يقول الله للأرض: أنبتي ثمرك، فيكثر الرزق جدا، ويستقيم الحال لعيسى والمؤمنين، فبينما هم كذلك؛ إذ بعث الله عليهم ريحا طيبة، تقبض روح كل مؤمن، ومسلم، وتبقي شرار الناس يتهارجون في الأرض كتهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة انتهى. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٩٩] من سورة (الكهف). {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: إذا قامت القيامة شخصت أبصار الذين كفروا إلى السماء من شدة الأهوال، لا تكاد تطرف من هول ذلك اليوم. يقال: شخص الرجل بصره، وشخص البصر نفسه؛ أي:

سما، وطمح من هول ما يرى. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة، فلا يرمضون، وانظر الآية رقم [٤٢] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{يا وَيْلَنا قَدْ كُنّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا..}. إلخ: انظر الآية رقم [١٤] ففيها الكفاية. هذا؛ والغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقائق الأمور، وقيل: حقيقة الغفلة سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ، والتيقظ. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَاقْتَرَبَ:} الواو: زائدة. (اقترب): ماض. {الْوَعْدُ:} فاعله. {الْحَقُّ:} صفة، والجملة الفعلية جواب (إذا) على رأي الفراء والكسائي، وغيرهما، ومعطوفة على جملة: {فُتِحَتْ يَأْجُوجُ} على حسب ما رأيت في الآية السابقة، وهو مذهب البصريين. {فَإِذا:} الفاء: واقعة في

<<  <  ج: ص:  >  >>