للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب (إذا)، على رأي الزمخشري ومن وافقه، وحرف عطف على رأي الفراء، والكسائي. وانظر ما ذكرته بشأن هذه الفاء في الآية رقم [٤] من سورة (النحل). (إذا): كلمة دالة على المفاجأة، وهي تختص بالجملة الاسمية، ولا تحتاج إلى جواب، ولا تقع في الابتداء، ومعناها الحال لا الاستقبال، نحو: خرجت فإذا الأسد بالباب. وهي حرف عند الأخفش، وابن مالك، ويرجحه: خرجت، فإذا إنّ زيدا بالباب؛ لأن «إن» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها. وظرف مكان عند المبرد، وابن عصفور. وظرف زمان عند الزجاج، والزمخشري. وزعم الأخير أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة، ولا يعرف هذا لغير الزمخشري، وإنما ناصبها عندهم الخبر المذكور في نحو خرجت فإذا زيد جالس، أو المقدر في نحو: «فإذا الأسد» أي: حاضر، وإذا قدرت: أنها الخبر؛ فعاملها مستقر، أو استقر، ولم يقع الخبر معها في القرآن الكريم إلا مصرحا به.

{هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {شاخِصَةٌ:} خبره.

{أَبْصارُ:} فاعل ب‍: {شاخِصَةٌ،} و (أبصار) مضاف، و {الَّذِينَ} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها. هذا هو الإعراب الظاهر، والمتبادر، ولكن إذا عرفت: أن {هِيَ} ضمير القصة، وهي عائدة على متأخر، لا على متقدم، فوجب تفسيرها بجملة، لا بمفرد كما رأيت في الإعراب؛ لذا فالإعراب الصحيح كما يلي: {شاخِصَةٌ:} خبر مقدم، و {أَبْصارُ الَّذِينَ..}. إلخ: مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، وهي مفسرة له، وهذا هو مذهب البصريين، وأما الكوفيون؛ فيجيزون اعتبار {شاخِصَةٌ} مبتدأ، و (أبصار) فاعل به سد مسد الخبر، وهذا إنما يتمشى على مذهبهم؛ لأن ضمير القصة يفسر عندهم بالمفرد العامل عمل الفعل، فإنه في قوة الجملة. انتهى.

جمل نقلا عن السمين. والجملة الاسمية: {هِيَ..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذا) إليها على اعتبارها ظرفا، وابتدائية لا محل لها، وهي معطوفة على ما قبلها، أو هي جواب ل‍: (إذا) على وجه مر ذكره على اعتبار (إذا) حرفا. {يا وَيْلَنا:} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [١٤] تجده وافيا كافيا. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {كُنّا:} ماض ناقص مبني على السكون، و (نا): اسمه. {فِي غَفْلَةٍ:} متعلقان بمحذوف خبر (كان). {مِنْ هذا:} متعلقان ب‍:

{غَفْلَةٍ} و (من) بمعنى عن، أو بمحذوف صفة غفلة، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {بَلْ:}

حرف عطف، وانتقال، وجملة: {كُنّا ظالِمِينَ} معطوفة على ما قبلها، والكلام: {يا وَيْلَنا قَدْ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: يقولون: يا ويلنا... إلخ.

وجملة: (يقولون...) إلخ في محل نصب حال من الموصول، والرابط: واو الجماعة.

بعد هذا أنقل لك ما ذكره السيوطي في كتابه همع الهوامع بشأن الفاء الداخلة على «إذا» الفجائية، فقال-رحمه الله تعالى-: اختلف في هذه الفاء، فقال المازني: هي زائدة للتأكيد؛ لأن إذا الفجائية فيها معنى الإتباع، ولذا وقعت في جواب الشرط موقع الفاء، وهذا ما اختاره

<<  <  ج: ص:  >  >>