للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وُضِعَ:} فعل ماض مبني للمجهول، والفاعل يعود إلى بيت، والجملة الفعلية في محل جر صفة {بَيْتٍ}. {لِلنّاسِ:} متعلقان بما قبلهما. {لَلَّذِي:} اللام: هي المزحلقة. (الّذي): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر: {إِنَّ} والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.

{بِبَكَّةَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والتأنيث. {مُبارَكاً:} حال من: (الّذي) أو من الضمير المستتر في متعلق الظرف. وقيل: من نائب فاعل {وُضِعَ} أفاده مكيّ، وهو ضعيف. {وَهُدىً:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. {لِلْعالَمِينَ:} متعلقان بهدى، أو بمحذوف صفة له، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد.

{فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧)}

الشرح: {فِيهِ:} في البيت المذكور في الآية السابقة. {آياتٌ بَيِّناتٌ:} دلائل واضحات على حرمته، ومزيد فضله، ومن تلك الآيات: {مَقامُ إِبْراهِيمَ} أي: الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت، فأثّرت قدماه فيه، وغاصتا إلى القدمين، وبقي إلى الآن مع تطاول الزّمان، وتداول الأيدي عليه. ومنها: تضعيف الحسنات للأعمال الصّالحات، ومنها: انحراف الطّيور عن موازاتها، فلا تعلوه على مدى الأعصار، ومنها: أنّ كلّ جبّار قصده بسوء قصمه الله، كما فعل الله بأصحاب الفيل. ومنها: أنّ الوحوش لا تؤذي بعضها في الحرم؛ حتّى الكلاب لا تهيج الظّباء، ولا تصطادها. ومنها: أنّ الطير إذا مرض منه شيء استشفى بالكعبة، ومنها: تعجيل العقوبة لمن انتهك حرمة هذا البيت. ومنها: أنّ الغيث إذا كان ناحية الرّكن اليماني كان الخصب في اليمن، وإذا كان بناحية الشّام كان الخصب بالشّام، وإذا عمّ البيت كان الخصب في جميع البلدان، ومن الآيات التي فيه: الحجر الأسود، والملتزم، وزمزم، والحطيم، ومشاعر الحج؛ التي فيه؛ كلّها من الآيات. ومنها: أنّ الآمر ببناء هذا البيت هو الجليل، والمهندس له جبريل، والباني هو إبراهيم الخليل، والمساعد في بنائه هو إسماعيل. فهذه فضيلة عظيمة لهذا البيت، وخذ قول أبي طالب: [الطويل]

وموطئ إبراهيم في الصّخر رطبة... على قدميه حافيا غير ناعل

هذا؛ و {مَقامُ إِبْراهِيمَ} هو الحجر الّذي وقف عليه عند بناء الكعبة المعظّمة، كما رأيت، وأصله من الجنّة كالحجر الأسود. وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>