أسقط، وبرك من الإعياء، فيكون المعنى: قعدت عن ذكر ربي لأجل حبي الخير. انتهى. جمل نقلا عن السمين. وقد تصرفت فيه تصرفا كبيرا. و {حُبَّ} مضاف، و {الْخَيْرِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله وفاعله محذوف، التقدير: حبي الخير. {عَنْ ذِكْرِ:} متعلقان بالمصدر، أو بالفعل {أَحْبَبْتُ،} و {ذِكْرِ} مضاف، و {رَبِّي} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، على معنى: عن أن أذكر ربي. فيكون الفاعل محذوفا. أو من إضافة المصدر لفاعله على معنى: عن أن يذكرني ربي. فيكون المفعول محذوفا. {حَتّى:} حرف غاية وجر، بعدها:«أن» مقدرة.
{تَوارَتْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى الشمس المفهومة من المقام، كما رأيت في الشرح، والتاء للتأنيث. {بِالْحِجابِ:} متعلقان بما قبلهما. و «أن» المقدرة بعد: {حَتّى} والفعل:
{تَوارَتْ} في تأويل مصدر في محل جر ب: {حَتّى،} والجار والمجرور متعلقان بالفعل، أو بالمصدر. هذا؛ وبعضهم، يعتبر {حَتّى} في مثل هذا الموضع حرف ابتداء، والجملة بعدها مستأنفة، والمعنى على الأول أقوى. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم
الشرح:{رُدُّوها عَلَيَّ} أي: ردوا الخيل علي. {فَطَفِقَ} أي: شرع. {مَسْحاً} أي: يمسح مسحا. {بِالسُّوقِ:} جمع ساق، وهو ما بين الكعب، والركبة من الإنسان، والحيوان، و «الساق» مؤنثة، وتجمع على: سوق، وسيقان، وأسوق، وساق الشجرة: جذعها. {وَالْأَعْناقِ} أي:
أعناق الخيل جمع: عنق، أي: كان يضرب سوق الخيل، وأعناقها بالسيف. هذا قول ابن عباس، وأكثر المفسرين، وكان ذلك مباحا له؛ لأن نبي الله سليمان لم يكن ليقدم على محرم، ولم يكن ليتوب عن ذنب-وهو ترك الصلاة-بذنب آخر، وهو عقر الخيل. هذا؛ وقد كنى عن العقر، والذبح بالمسح، وهي كناية بليغة.
وقال محمد بن إسحاق: لم يعنفه الله على عقره الخيل؛ إذ كان ذلك أسفا على ما فاته من فريضة ربه، عز وجل. وقيل: إنه ذبحها، وتصدق بلحومها. وقيل: معناه: أنه حبسها في سبيل الله تعالى، وكوى سوقها، وأعناقها بكيّ الصدقة. وحكي عن علي-رضي الله عنه-: أنه قال: معنى {رُدُّوها عَلَيَّ} يقول بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس: ردوها عليّ، فردوها عليه، فصلى العصر في وقتها.
قال الإمام فخر الدين: بل التفسير الحق المطابق لألفاظ القرآن أن نقول: إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في دينهم، كما أنه في ديننا كذلك، ثم إن سليمان-عليه الصلاة والسّلام-احتاج إلى غزو، فجلس، وأمر بإحضار الخيل، وأمر بإجرائها، وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا، ونصيب النفس، وإنما أحبها لأمر الله، وتقوية دينه، وهو المراد بقوله:{عَنْ ذِكْرِ رَبِّي،} ثم إنه عليه الصلاة والسّلام أمر بإعدائها، وإجرائها حتى توارت بالحجاب، أي: غابت عن بصره، ثم