بجعل المضغة عظما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يصوره، ويجعل فيه الروح، ثم يخرجه خلقا آخر، وهو صغير ضعيف، فلا يزال ينميه، وينشيه حتى يجعله رجلا، أو امرأة كاملين. هذا؛ ولا يطلق الرب على غير الله تعالى إلاّ مقيدا بالإضافة، مثل قولك: رب الدار، ورب الناقة، ونحو ذلك. والربّ المعبود بحق، والمراد منه: الله تعالى عند الإطلاق، ولا يجمع إذا كان بهذا المعنى، ويجمع إذا كان معبودا بالباطل، قال تعالى حكاية عن قول يوسف عليه السّلام لصاحبي السجن:{أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} كما يجمع إذا كان بأحد المعاني السابقة، قال الشاعر:[الطويل]
وهو اسم فاعل بجميع معانيه، أصله: رابب، ثم خفف بحذف الألف، وإدغام أحد المثلين في الآخر. وانظر شرح {الْعالَمِينَ} في الآية رقم [٤٦] من سورة (الزخرف).
الإعراب:{فَلِلّهِ:} الفاء: حرف استئناف. (لله): متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {الْحَمْدُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها. {رَبِّ:} بدل، أو عطف بيان، أو صفة لفظ الجلالة. انتهى. سمين. و {رَبِّ} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وما بعده معطوف عليه، وإعرابه مثله بلا فارق. هذا؛ وقال القرطبي: قرأ مجاهد، وحميد، وابن محيصن بالرفع فيها كلها على معنى:
هو رب. انتهى. وهي قراءة شاذة فوق السبعة لم يقل بها غير القرطبي.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ:} القوي القاهر؛ الذي لا يغلب. {الْحَكِيمُ:} فيما قدر، وقضى، فاحمدوه، وكبروه، وأطيعوا له. وخذ ما يلي:
فعن أبي سعيد، وأبي هريرة-رضي الله عنهما-قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «العزّ إزاره، والكبرياء رداؤه»، قال الله تعالى:«فمن ينازعني عذّبته». أخرجه مسلم بهذا اللفظ، وأخرجه البرقاني وأبو مسعود-رضي الله عنهما-يقول الله عزّ وجل:«العزّ إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني شيئا منهما؛ عذّبت». ولأبي داود عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قال الله تعالى: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني في واحد منهما؛ قذفته في النار».
شرح غريب ألفاظ الحديث: قيل هذا الكلام خرج على ما تعتاده العرب في بديع استعاراتهم، وذلك: أنهم يكنون عن الصفة اللازمة بالثياب، يقولون: شعار فلان الزهد، ولباسه