للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك خلق مباشر من الطين؛ إذا فكرنا في أصل كل إنسان بأنه من النطفة المذرة، وهي من الدم، والدم من الطعام والشراب، وهما من الأرض بلا ريب. هذا؛ ويقال: استفتى، استفتاء العالم في مسألة: سأله أن يفتيه فيها. والفتوى والفتوى، والفتيا: اسم ما أفتى به العالم؛ إذا بيّن الحكم، والجمع الفتاوي، والفتاوى، مثل الصحاري، والصحارى، والعذاري، والعذارى.

الإعراب: {فَاسْتَفْتِهِمْ:} الفاء: حرف استئناف، (استفتهم): فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به. {أَهُمْ:} الهمزة: حرف استفهام. (هم): مبتدأ. {أَشَدُّ:} خبره. {خَلْقاً:} تمييز، والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ثان للفعل قبلها، المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {أَمْ:} حرف عطف. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{خَلَقْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية صلة {مَنْ،} والعائد محذوف، التقدير: أم الذين خلقناهم. والخبر محذوف، تقديره: أشد. والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها، والجملة الفعلية: {فَاسْتَفْتِهِمْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. هذا؛ وأفاد الجمل: أن الجملة واقعة في جواب شرط مقدر، وعليه فالفاء هي الفصيحة، ويكون التقدير:

وإذا كان هؤلاء لا يؤمنون بالله؛ فاسألهم أهم أشد... إلخ. والمعنى: إن شئت أن تقرعهم، وتؤنبهم؛ فاستفتهم... إلخ. {إِنّا:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها. {خَلَقْناهُمْ:}

فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {مِنْ طِينٍ:} متعلقان بما قبلهما. {لازِبٍ:} صفة: {طِينٍ}.

{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥)}

الشرح: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} أي: بل عجبت يا محمد من تكذيبهم للبعث مع رؤيتهم آثار قدرة الله الباهرة، وهم يسخرون منك، ومما تقول لهم في ذلك. هذا؛ وقرئ بضم التاء على إسناد العجب إلى الله تعالى، وليس هو كالتعجب من الآدميين؛ لأن العجب من الناس محمول على إنكار الشيء، وتعظيمه، والعجب من الله تعالى محمول على تعظيم تلك الحالة، فإن كانت قبيحة؛ يترتب عليها العقاب، وإن كانت حسنة؛ يترتب عليها الثواب. وسئل الجنيد-رحمه الله تعالى-عن هذه الآية، فقال: إن الله لا يعجب من شيء، ولكن وافق رسوله، ولما عجب رسوله صلّى الله عليه وسلّم قال: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ..}. إلخ الآية رقم [٥] من سورة (الرعد).

{وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ:} وإذا وعظوا بالقرآن، وخوفوا به؛ لا يتعظون، ولا يتدبرون. {وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ:} وإذا رأوا آية باهرة، أو معجزة قاهرة، تدل على صدقك، كانشقاق القمر، وتكليم

<<  <  ج: ص:  >  >>