للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيها الإنسان. وقيل: التقدير: بعثتم. أو جوزيتم. وقيل: {إِذَا} مبتدأ، و (إذا الأرض...) إلخ خبره، والواو زائدة. حكي عن الأخفش. وقيل: إنها لا جواب لها، والتقدير: اذكر إذا، ولا أعتمد قولا مما تقدم، وإنما الجواب محذوف، تقديره: علمت نفس ما قدمت، وأخرت.

مثل سورة (التكوير) و (الانفطار).

{يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ:} المراد بالإنسان الجنس، فهو للاستغراق؛ أي: يا بن آدم. {إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً} أي: عامل لربك عملا، فأنت تلاقيه، وتجده يوم القيامة مسجلا في صحيفة أعمالك. وقيل: الضمير يعود إلى {رَبِّكَ} والأولى عوده إلى {كَدْحاً؛} لأنه أقرب مذكور، وهو يشمل عمل الخير، وعمل الشر. هذا؛ والكدح في كلام العرب: العمل، والكسب. قال ابن مقبل: [الطويل]

وما الدّهر إلا تارتان فمنهما... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

التقدير: فمنهما تارة أموت، وتارة أخرى... وقال آخر: [الكامل]

ومضت بشاشة كلّ عيش صالح... وبقيت أكدح للحياة وأنصب

هذا؛ وفي المختار: الكدح: العمل، والسعي، والكد، والكسب. وهو أيضا الخدش، وباب الكل: قطع. وبوجهه كدوح؛ أي: خدوش، وهو يكدح لعياله، ويكتدح؛ أي: يكتسب.

الإعراب: {يا أَيُّهَا:} (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو، أو أنادي. (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، وها: حرف تنبيه، لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يجوز اعتبار الهاء ضميرا في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى. {الْإِنْسانُ:} بعضهم يعرب هذا اللفظ، وأمثاله بدلا، وبعضهم يعربه نعتا، والقول الفصل: أن الاسم الواقع بعد «أي»، وبعد اسم الإشارة، إن كان مشتقا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا-كما هنا-فهو بدل، أو عطف بيان. والمتبوع-أعني: أي-منصوب محلا، وكذا التابع -أعني: الإنسان، وأمثاله-فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللفظية، وإنما أتبعت ضمة البناء مع أنها لا تتبع؛ لأنها وإن كانت ضمة بناء، لكنها عارضة، فأشبهت ضمة الإعراب، فلذا جاز إتباعها. أفاده الصبان؛ لأنه قال:

والمتجه وفاقا لبعضهم: أن ضمة التابع إتباع، لا إعراب، ولا بناء. وقيل: إن رفع التابع المذكور إعراب، واستشكل بعدم المقتضي للرفع، وأجيب بأن العامل يقدر من لفظ عامل المتبوع مبنيا للمجهول نحو يدعى، وهو مع ما فيه من التكلف يؤدي إلى قطع المتبوع. وقيل: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>