للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد بحرف الجر، تقول: زعم على القوم فهو زعيم؛ أي: تأمر عليهم، وترأسهم، وزعم بفلان، وبالمال؛ أي: كفله، وضمنه، وتقول: زعم اللبن؛ أي: أخذ يطيب، فهو لازم. انتهى.

وقال الأشموني: وإن كانت بمعنى: سمن، أو هزل؛ فهي لازمة.

بعد هذا أقول: إن زعم من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ، وخبر إن كان من أفعال الرجحان، والأكثر أن يسد مسدهما: أن، واسمها، وخبرها مخففة من الثقيلة، أو غيرها، نحو قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ..}. إلخ، وانظر شواهد ذلك في كتابنا: «فتح رب البرية». والقليل أن تنصب مفعولين صريحين، وهو ناقص التصرف، يأتي منه ماض، ومضارع، ولا يأتي منه أمر.

الإعراب: {قُلِ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والمخاطب بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم.

{اُدْعُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {زَعَمْتُمْ:} فعل، وفاعل، والمفعول مصدر سد مسد المفعولين محذوف مؤول من: «أنهم آلهة». {مِنْ دُونِهِ:} متعلقان بمحذوف صفة: «آلهة» المقدر، وقول الجمل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: قل: ادعوا الذين من دون الله زعمتم أنهم شركاء، لا أراه قويّا، ومعناه غير واضح. تأمل. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له قطعا، وجملة: {زَعَمْتُمْ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والعائد الضمير في المقدر المحذوف، وجملة: {اُدْعُوا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَلا:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر. (لا): نافية.

{يَمْلِكُونَ:} مضارع مرفوع. إلخ، والواو فاعله. {كَشْفَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الضُّرِّ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف. {عَنْكُمْ:} متعلقان بالمصدر، وهو أقوى من تعليقهما بالفعل. الواو: حرف عطف. (لا): زائدة لتأكيد النفي.

{تَحْوِيلاً:} معطوف على {كَشْفَ،} ومفعوله محذوف؛ إذ التقدير: ولا تحويله عنكم، أو إلى غيركم، وجملة: {فَلا يَمْلِكُونَ..}. إلخ في محل جزم جواب لشرط مقدر؛ إذ التقدير: وإن تدعوهم؛ فلا يملكون... إلخ، والشرط المقدر ومدخوله في محل نصب مقول القول أيضا.

وقيل: جملة: {فَلا يَمْلِكُونَ..}. إلخ مستأنفة، ولا وجه له.

{أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧)}

الشرح: {أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ:} الإشارة إلى الذين عبدوهم من دون الله، والمعنى: أولئك الذين يعبدونهم، ويتخذونهم آلهة من دون الله. {يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} أي: يطلبون إلى الله القرب، والتقرب بالإيمان والعمل الصالح. {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} أي: يتنافسون في القربة. أو المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>